وقال : ما لي أراك كأنّ في نفسك عليّ شيئاً؟ أتظُنُّ أنّي قتلتُ أباك؟ والله لوَدِدتُ أني كنتُ قاتلَه ، ولو قتلتهُ لم أعتذرْ من قتل كافرٍ ، لكننّي مررتُ به يومَ بدرٍ فرأيتهُ يَبْحَث للقتال كما يَبْحَث الثورُ بقَرْنه ، وإذا شِدْقاه قد أزْبَدا كالوَزَغ ، فلما رأيتُ ذلك هِبْتُه ورُغْتُ عنه ، فقال : إلى أين يا ابن الخطّاب؟ وصَمَد له علي فتناوله ، فواللّه ما رِمْتُ مكاني حتّى قتله.
قال : وكان عليّ عليهالسلام حاضراً في المجلس فقال : « اللّهم غَفْراً ، ذَهَب الشركُ بما فيه ، ومَحا الإسلام ما تقدّم ، فما لك تَهيج الناسَ!؟ » فكَفّ عُمَر ، قال سعيد : أما إنّه ما كان يَسًّرني أن يكون قاتل أبي غيرَ ابن عمّه عليّ بن أبي طالب ، وأنشا القوم في حديث اخر (١).
وروى محمّد بن إسحاق ، عن يزيدَ بن رُوْمان ، عن عرُوة بن الزبير : أنّ علياً عليهالسلام أقبل يومَ بدر نحو طُعَيْمَة بن عَدِيّ بن نَوْفَل فشَجَره بالرُمح ، وقال له : « واللة ، لا تخاصِمُنا في اللّه بعد اليوم أبداً » (٢).
وروى عبد الرَزاق ، عن مَعْمَر ، عن الزُهْريّ قال : لمّا عَرَف رسول اللّه صلىاللهعليهوآله حضور نَوْفَل بن خُويَلد بدراً قال : اللّهم اكفِني نَوْفلاً « فلما انكشفَتْ قريش رآه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وقد تحيّر لا يَدري ما يَصْنع ، فصَمَدَ له ثمّ ضربه بالسيف فنَشِبَ في حَجَفته (٣) فانتزعه منها ، ثمّ ضرب به ساقَه ـ وكانت دِرعه مُشَمّرَة ـ
ــــــــــــــــــ
(١) مغازي الواقدي ١ : ٩٢ ، وشرح النهج لابن ابي الحديد ١٤ : ١٤٤ باختلاف يسير ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ١٩ : ٢٨٠.
(٢) شرح النهج الحديديَ ١٤ : ١٤٥ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ١٩ : ٢٨١.
(٣) الحجفة : يقال للترس اذا كان من جلود ليس فيها خشب ولا عقب. « الصحاح ـ حجف ـ ٤ : ١٣٤١.