حَدَثٌ حُيِّنَ لقتلِه ».
ثمَّ مَرَّ بعبدِاللّهِ بنِ أبي عُثمان بنِ الأخْنَسِ بنِ شرِيقٍ فقالَ : « أمَّا هذا فإنّي (١) أنظُرُ إِليهِ وقد أخذَ القومَ السُّيوفُ هارِباً يَعدو مِنَ الصَّفِّ ، فنَهْنَهْتُ عنهُ فلم يَسمعْ مَنْ نَهْنهْتُ حتَّى قَتَلَهُ ، وكانَ هذا ممّا خَفِيَ على فِتيان قُريش ، أغمار (٢) ، لا عِلمَ لهم بالحربِ ، خُدِعوا واستُزِلُّوا ، فلمّا وَقَفَوا وَقَعُوا فقُتِلوا ».
ثمَّ مشى قليلاً فمرَّ بكَعْب بنِ سُوْرٍ فقالَ : « هذا الَّذي خَرَجَ علينا في عُنُقِه المًصحَفُ ، يَزعُمُ أنَّه ناصِرُ أمه ، يَدعو النّاسَ إلى ما فيهِ وهوَ لا يَعلَمُ ما فيهِ ، ثمَّ استفتحَ وخاب كل جبار عنيد. أمَا إِنه دعا اللّه أَن يَقتُلنَي فقَتلَهُ اللّهُ. أجلِسُوا كَعْبَ بنَ سُوْرٍ » فأجِلسَ ، فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام : « يا كعبُ ، قد وَجدْتُ ما وَعَدَني ربِّي حَقَّاً ، فَهلْ وَجدْتَ ما وَعَدَكَ ربُكَ حَقَّاً؟ ثَم قالَ : أَضجِعوا كَعْباً ».
ومرَّعلى طَلْحة بنِ عبيد الله فقالَ : « هذا النّاكِثً بَيعتي ، والمنشئ الفِتنةَ في الأًمّةِ ، والمُجلِبُ علي ، الدّاعي إِلى قَتْلي وقَتل عِتْرتي. أَجلِسوا طَلْحةَ » فأُجلِس ، فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام « يا طلحة بنَ عُبَيْدِاللّهِ ، قد وجدْتُ ما وَعَدَني ربّي حقّاً ، فهلْ وجدْتَ ما وَعدَ ربّكَ حقّاً!؟ ثمّ قالَ : أضجِعوا طلحةَ » وسارَ. فقالَ له بعضُ مَنْ كانَ معَهُ : يا أَميرَ المؤمنينَ ، أتُكلِّمُ كَعْباً وطَلْحةَ بعدَ قَتلِهما؟ قالَ : « أمَ واللّهِ ، إنّهما لقد سَمِعا كلامي كما سَمِعَ أهلُ القَلِيبِ (٣) كلامَ رسولِ اللّهِ صلى الله
ــــــــــــــــــ
(١) في « م » وهامش « ش » : فكأني.
(٢) الغمر : الذي لم يجرب الأمور. « الصحاح ـ غمر ـ ٢ : ٧٧٢ ».
(٣) أهل القليب : هم مشركو قريش الذين قتلوا يوم بدر ورماهم المسلمون في بئر