الأمر الخامس
في علامات الوضع
ذكر المشهور لتمييز الحقيقة عن المجاز علامات نذكر منها ما يلي :
الأوّل : التبادر
إنّ سبق المعنى من اللّفظ إلى الذهن بلا قرينة ، دليل على أنّه هو الموضوع له ، والمعنى المجازي وإن كان ينسبق إليه أحياناً لكنّه يتبادر بمعونة القرينة.
وقد أُشكِل على كون التبادر علامة الوضع بالدور وحاصله :
انّ العلم بالوضع متوقّف على التبادر ، وهو متوقّف على العلم بالوضع ، إذ لو لا العلم بأنّ اللّفظ موضوع لذلك المعنى ، لما تبادر.
والجواب : انّ المراد من التبادر في المقام ، هو التبادر عند المستعلم الذي هو من أهل اللسان وقد نشأ بينهم منذ نُعومة أظفاره إلى أنّ شبّ وشاب ، وعندئذ العلم التفصيلي بالوضع موقوف على التبادر عند ذاك الشخص ، ولكنّ التبادر عنده غير موقوف على ذلك العلم التفصيلي ، بل يكفي العلم الإجمالي الارتكازي للوضع حيث إنّ المستعلم من أهل اللغة ، له علم بالوضع منذ نشأ بين أهل اللّسان وإن لم يكن ملتفتاً إلى علمه هذا وبالجملة : العلم التفصيلي بالوضع موقوف على التبادر ، والتبادر موقوف على العلم الارتكازي الحاصل للإنسان