الفصل السادس
التمسّك بالعام قبل الفحص عن المخصّص
نزل الوحي الإلهي على قلب سيّد المرسلين نجوماً على سبيل التدريج وقد بيّن سبحانه وجه ذلك بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (١) فجعل تثبيت فؤاد النبي دليلاً على نزول القرآن تدريجاً.
ثمّ إنّ نزول القرآن نجوماً ، صار سبباً لتدريجية التشريع القرآني ، فربما نزل العام في فترة ، والخاص في فترة أُخرى فلا يُحتج بالعام القرآني إلّا بعد الفحص عن خاصّه فيه.
ونظيره السنّة النبويّة فقد كان التشريع فيها أمراً تدريجياً ، فربما ورد العام في لسان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في فترة ، والخاص في فترة أُخرى ، فلا يحتج بعموم السنة النبويّة إلّا بعد الفحص عن مخصصه فيها.
ثمّ إنّ هناك أحكاماً كثيرة شُرّعَت لكن حال الأجل بين الرسول وإبلاغه للأُمّة لكنّه صلوات الله عليه جعلها مخزونة عند العترة الطاهرة وصفهم أعدالاً للقرآن الكريم وقال : «إنّي تاركٌ فيكُمُ الثقلين كتاب الله وعِترتي» ، فقاموا ببيان الأحكام المخزونة : عمومها وخصوصها ، مطلقها ومقيّدها في فترة تقرب من ٢٥٠
__________________
(١) الفرقان : ٣٢.