تمهيد
وقبل الخوض في المقصود نقدّم أُموراً :
الأمر الأوّل : انّ العام من المفاهيم المشهورة الغنيّة عن التعريف ، ويقابله الخاصّ. ومع ذلك فقد عُرّف بوجوه أوضحها : كون اللّفظ بحيث يشمل مفهومه لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه مفهوم الواحد ، فلفظة العلماء عامّ لكونها شاملة لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه مفهوم الواحد أعني : «العالم» ويقابله الخاص.
الأمر الثاني : انّ العام ينقسم إلى استغراقي ومجموعي وبدلي ، وهل انقسامه إلى هذه الأقسام الثلاثة باعتبار ذات العام ولحاظه بوجوه مختلفة مع قطع النظر عن الحكم وكونه موضوعاً ، أو أنّ هذا التقسيم باعتبار تعلّق الحكم عليه؟
ذهب المحقّق الخراساني إلى الثاني ، قائلاً بأنّ الاختلاف باعتبار اختلاف كيفية تعلّق الأحكام به ، وإلّا فالعموم في الجميع بمعنى واحد ، وهو شمول الحكم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه ، غاية الأمر انّ تعلّق الحكم به تارة بنحو يكون كلّ فرد موضوعاً على حدة للحكم ، وأُخرى بنحو يكون الجميع موضوعاً واحداً ، بحيث لو أخلّ بإكرام واحد في «أكرم كلّ فقيه» مثلاً لما امتثل أصلاً ، بخلاف الصورة الأُولى فانّه أطاع وعصى ، وثالثة بنحو يكون كلّ واحد موضوعاً على البدل بحيث لو أكرم واحداً منهم لما أطاع وامتثل كما يظهر لمن أمعن النظر وتأمّل. (١)
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٣٢ / ١.