الفصل الأوّل
في مفهوم الشرط
مسلك القدماء في استفادة المفهوم
إنّ مسلك القدماء في استفادة المفهوم من القضايا الشرطيّة بل مطلقاً يختلف مع مسلك المتأخرين ، فإنّ دلالة الخصوصية المذكورة في الكلام من الشرط أو الوصف أو الغاية أو اللقب أو نحوها على الانتفاء عند القدماء ليست دلالة لفظية ، بل هي من باب بناء العقلاء على حمل الفعل الصادر عن الغير على كونه صادراً لغاية والغاية المنظورة عند العقلاء من نفس الكلام ، حكايته لمعناه ، كما أنّ الغاية من خصوصياته ، دخالتها في المطلوب فإذا قال المولى : إن أكرمك زيد فأكرمه ، حكم العقلاء بمدخلية إكرام زيد في وجوب إكرامه ، قائلاً بأنّه لو لا دخله فيه لما ذكره المتكلّم وكذا سائر القيود ، وعلى ذلك فاستفادة المفهوم ليست مبنية على دلالة الجملة على الانتفاء عند الانتفاء ، بل مبنيّة على أنّ الأصل في فعل الإنسان أن لا يكون لاغياً بل يكون ، صادراً لغايته الطبيعية والغاية من إتيان القيد هي مدخليته في الحكم.
ولما كان مسلكهم على الاستدلال بفعل المتكلّم وانّه لو لا المفهوم تلزم لغوية القيد ، أجاب عنه السيد المرتضى في ذريعته ، بقوله : بأنّ تأثير الشرط إنّما هو تعليق الحكم به وليس يمتنع أن يخلفه وينوب منابه شرط آخر ، يجري مجراه