ونقص الظلم ومنافرته.
نعم إذا تكثر أفراد الإنسان وحصل الاجتماع وتطابق آرائهم على الحسن والقبح لحفظ المجتمع ومراعاتهم ، يصلح هذا التطابق لتأييد ما حكم به العقل.
نعم لا مانع من ادراج الأحكام البديهية العقلية في المشهورات بالمعنى الأعم ، كما عرفت ، وأما ادراجها في خصوص المشهورات بالمعنى الأخص ، التي لا واقع لها إلّا تطابق الآراء ، ففيه منع ؛ لما مرّ من وجود التحسين والتقبيح العقليين ولو لم يكن اجتماع وتطابق ، وبالجملة قضية العدل حسن ، والظلم قبيح ، من القضايا الضرورية التي أدركها العقل النظري بالبداهة لو خلّي وطبعه ، من دون حاجة إلى الاجتماع وآرائهم ، ولها واقع خارجي.
وصرح بذلك جماعة من المحققين كالمحقق اللاهيجي (١) والمحقق السبزواري ـ قدّس الله أرواحهم ـ ولقد أفاد وأجاد المحقق السبزواري في شرح الأسماء الحسنى ، حيث قال : وقد يستشكل دعوى الضرورة في القضية القائلة بأن العدل حسن والظلم قبيح ، بأن الحكماء جعلوهما من المقبولات العامة ، التي هي مادة الجدل ، وجعلهما من الضروريات ، التي هي مادة البرهان ، غير مسموع.
والجواب : إن ضرورة هذه الأحكام بمرتبة لا يقبل الانكار ، بل الحكم ببداهتها أيضا بديهي ، غاية الأمر أن هذه الأحكام من العقل النظري بإعانة العقل العملي ، بناء على أن فيها مصالح العامة ومفاسدها ، وجعل الحكماء إياها من المقبولات العامة ليس الغرض منه إلّا التمثيل للمصلحة أو المفسدة العامتين المعتبر فيه قبول عموم الناس لا طائفة مخصوصين وهذا غير مناف لبداهتها ، إذ القضية الواحدة يمكن أن تدخل في اليقينيات والمقبولات من جهتين ، فيمكن
__________________
(١) سرمايه ايمان : ص ٦٠ ـ ٦٢ وراجع أيضا آموزش فلسفه : ج ١ ص ٢٣١ ـ ٢٣٥.