على يد أهل الخبرة من هذا الفن ، فإنّ في العصر الحديث قد فتح باب تزوير النسخ لتظهر كأنّها نُسخ أثريّة قديمة من القرون المتطاولة السابقة ، خصوصاً في الكتب الفريدة لتباع بأعلى الأثمان تحت عنوان النفائس القديمة ، وبسبب ذلك بزغ أرشفة ووضع عِلمان مختصّان بتحقيق صحّة النُّسخ ، وهو علم تصحيح النُّسخ ، وعلم فهارس الكتب والمكتبات.
أمّا الأوّل : فهو يبحث فيه عن كلّ من مادّة الورق بتوسّط المختبرات المختصّة وأنّ تركيبته راجعة إلى أيّ قرن من القرون الماضية ، حيث إنّ التركيبة في كلّ قرن كانت آخذة في التطور والتغيّر ، وكذلك يبحث فيه عن مركّب الخط أي الحبر المنقوش فيه رسم الخط ، فإنّ نسبة الكاربون المركّبة أيضاً هي مختلفة بحسب تطوّر صناعة الحبر ومادّة المركّب ، ويقع البحث فيه أيضاً عن الجانب الأدبي في صياغة الكتاب ، فإنّ المفردات ونمط التراكيب والأمثلة المستخدمة إلى غير ذلك من الخصائص الثقافية لأدب كلّ قرن ، بل وكلّ مكان وقوم وبيئة لها خصائص تفترق عن المورد والزمن الآخر ، فمثلاً يقع الفحص عن مفردات مستعملة في السابق مهجورة في القرون اللاحقة ، فإذا وقع العكس عُلم تزوير النسخة ، إذ ظاهرة النَّحْت في اللغة ، أو النقل ، أو هجر المعنى من لفظ إلى معنى آخر ، وهو ما يسمّى بالارتجال المنشرة في اللغات المختلفة ، وكذا الأمثلة ، فإنّها تعكس عن المستوى الثقافي لذلك الزمن ، فتحدّد بذلك زمن النسخة ، ويقع فيه البحث أيضاً عن نمط ديباجة الكتاب ، وتوقيع الخاتمة ، فإنّه بحسب الأزمنة يختلف نمط الاستهلال في الديباجة ، ونمط التوقيع في الخاتمة ، بل إنّه من خلال أسماء الناسخين أيضاً يُتعرّف على الحقبة الزمنية لها ، إذ كلّ حقبة تشتهر بأسماء معيّنة ، وهكذا رسم الخط ، فإنّ نوعية الرسم والنقش تختلف بحسب الأزمنة في أنواع