صعيد سطح تعامله التعايشي في نطاق الدائرة الثالثة ، وواضح أنّ عدم معرفته بالفسق في سلوكه في نطاق الدائرة الثالثة ومع من يتعايش معه يعني حُسن ظاهره وسلوكه ، بخلاف عدم معرفته بالفسق بالإضافة إلى من لم يعاصره ـ الدائرة الخامسة ـ كما في عدم معرفتنا نحن الآن بفسق بعض الرواة ، فإنّه لا يعني ذلك حُسن الظاهر ، بل يعني الجهالة بحال الراوي ، وهكذا الحال في من عاصر الشخص ولم يكن من أهل مدينته ، فالعمدة في غفلة تفسير المتأخّرين لعبائر المتقدّمين ولظاهر جملة من الروايات هو حملهم عدم المعرفة بالفسق لنطاق من لم يتعايش ولم يعاصر ذلك الشخص ، وفسّروا ذلك بأصالة العدالة عند الجهل بحال الراوي ، أي بمجرّد اسلامه مع عدم العلم بالفسق ، والحال أنّ مراد الروايات والمتقدّمين هو ما أشرنا إليه ، وعليه فعدم العلم بالفسق لا ينفكّ عن حُسن الظاهر لمن عاصر وعايش ذلك الشخص.
وهناك غفلة أخرى على طرف مقابل كما سبق ، وهي الاعتماد في توثيق الشخص وإحراز عدالته على خصوص من اختصّ بالتعايش مع الشخص ـ أي بمن يكون في نطاق الدائرة الأولى أو الثانية ـ بمقتضى حديث «إنّ المرء على دين خليله».
مع أنّ ذلك خلط واضح بين إحراز الوثاقة بدرجة عالية ، كدرجة الاطمئنان ونحوه ، وبين إحرازها بدرجة ظنيّة معتادة معتبرة ، فهو تناسي لأماريّة حُسن الظاهر.
ومن ثمّ يتبيّن لك أنّ الشخص الذي يُحرز وثاقته بالدرجة العالية يُسمّى في الاصطلاح بالثقة أو العادل وخبره يصنّف في الخبر الصحيح أو الموثّق ، وأمّا من تحرز وثاقته بدرجة ظنيّة معتادة معتبرة ، فيُقال عنه إنّه ممدوح ، وخبره يُصنّف