الحقائق وآثار الآخر مستهلكة ، وهو في غير الإنسان ، واما آثار جميع الحقائق كما في الإنسان ، فاما بغلبة بعض الآثار ومغلوبية الآثار الباقية ، كما في غير الكامل أو بالاعتدال كما في الانسان الكامل (٢٥) .
فتبصر من هذا الكلام الكامل أنّ المراد من قوله سبحانه « وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا » (٢٦) ما هو ، وكذا من قوله عزّ من قائل « وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ » (٢٧) ثم اقرأ وارق .
ثم اعلم ان جميع الأسماء الحسنى على كمالها وتمامها أسماؤه المستأثرة كالحيّ والعالم والقادر وغيرها فتبصر !
ومنها قوله : وإذا كان هذا كذا ، قلنا : إنّ الأشياء كلّها هي العقل ، والعقل هو الأشياء . لأنّ الأشياء كلّها من فعل العقل بإذنه سبحانه والفعل قائم بفاعله ، والفاعل قاهر على فعله ومحيط به ، فانظر ماذا ترى .
وكان المتقدّمون من أهل التوحيد يسمّون مبدأ المبادیء سبحانه وتعالى بالعقل ، وكانوا يقولون : إنّ العقل يدبّر العالم ، والعقل موجب وحدة الصنع أزلاً وأبداً ، وكانوا يسمّون وحدة الصنع من كثرة بهائه ، وجماله ، وحسن زينته بقوسموس ، فتبارك الله أحسن الخالقين .
ومنها قوله القويم الثقيل : لو جوّزنا أن يكون بين تلك الصور التي في نفوسنا ، وبين الصور التي في الوجود تباين أو اختلاف ما عرفنا تلك الصور ، ولا أدركنا حقائقها . فكلّما نطلبه أول الأمر ندركه إدراكاً ما ، لأنّ طلب المجهول المطلق محال ، وقد دريت الكلام في الإشتمال فافهم !
ثم إنّ الصور التي في نفوسنا لو لم تكن مطابقة لما في الوجود كالأمثلة المتقدمة فهي ليست بعلم ، ولم يكن لها مطابق ، ولم يصدق عليها عنوان نفس الأمر . فمعنى كون الشيء موجوداً في نفس الأمر هو كونه متلبّساً خلعة الوجود في حدّ ذاته أي كونه موجوداً مع قطع النظر عن فرض فارض واعتبار معتبر ، سواء كان موجوداً في الخارج أو في
____________________________
(٢٥) اُنظر : ص ١٤٧ ، الطبعة الاُولى .
(٢٦) البقرة : ٣١ .
(٢٧) الواقعة : ٦٢ .