قيل له : لأن معناها أن تأتي لاختصاص ما يقع عليه ، إما لرفعته أو لدناءته ، وذلك أنك إذا قلت : ضربت القوم ، فلا بد أن يكون القوم عند المخاطب / مخصوصين معروفين وفيهم دنيء ورفيع ، فإذا قلت ضربت القوم حتى زيد ، فلا بد أن يكون زيد إما أرفعهم أو دونهم ، ليدل بذكره أن الضرب قد انتهى إلى الرفعاء أو إلى الأدنياء ، ولم يكن زيد بهذه الصفة لم يكن لذكرك (١) إياه فائدة ، إذ كان قولك : ضربت القوم ، يشتمل على زيد ، فلما كان لا بد من ذكر زيد على الوجه الذي ذكرناه وجب أن يكون بعضا مما قبله ليدل على هذا المعنى ، ولهذه العلّة لا يجوز أن تقول : ضربت الرجال حتى النساء ، لأن النساء لسن (٢) من نوع الرجال ، ولا يتوهم دخولهن مع الرجال ، فلهذا لم يجز ، وإذا قلت ضربت القوم حتى زيدا ضربته فذكرت بعد حتى اسما وفعلا من جنس الفعل المتقدم وكان ناصبا لضمير الاسم ، فلك فيه ثلاثة أوجه : الخفض على الغاية وإذا خفضت الاسم صار الفعل الذي بعد الاسم مؤكدا للفعل المتقدم ولا موضع له من الإعراب ، كما أن الفعل الأول لا موضع له ، وإن نصبته أضمرت فعلا ينصبه وصار الفعل الظاهر تفسيرا للفعل المضمر ، ولا موضع لهما من الإعراب ، لأن الفعل المضمر معطوف على المبتدأ به ، فلما كان الفعل المبتدأ به لا موضع له من الإعراب فكذلك حكم ما عطف عليه ، والمفسر له يجري مجراه ، فإذا رفعت الاسم صار مبتدأ والفعل الذي بعده في موضع خبره ، وعلى هذا الوجه يصير موضع الفعل رفعا ؛ لأنه في موضع خبر المبتدأ ، وأما إذا كان بعد حتى اسمان فلا يجوز الرفع على الابتداء والخبر وذلك أن حرف الجر لا يجوز أن يخفض أكثر من اسم واحد إلا على طريق الاشتراك أو النعت ، فلو خفضت الاسم الأول في قولك : ضربت القوم حتى زيد غضبان ، بقي غضبان بلا شيء يخفضه ولا يرفعه
__________________
(١) في الأصل : لذكره.
(٢) في الأصل : ليس.