وثانيها [وثانيا] : إنّها لا تثبت الفقه ولا الأحكام التفصيليّة اليقينيّة ثبوتها تفصيلا في الشّرع على سبيل الإجماع كما لا يخفى على المطّلع ، وكذلك الاستصحاب ليس بقطعيّ ولا يفيد القطع.
فإن قلت : إنّ العمل على أخبار الآحاد قطعيّ لدلالة الآيات والإجماع.
قلت : دلالة الآيات غير واضحة ، والإجماع ممنوع ، ودعوى الإجماع مع ظنيّتها من السيّد رحمهالله والشيخ رحمهالله متعارضة ، مع أنّ المسلّم منهما إنّما هو في الجملة لدعوى إجماعهم على اشتراط العدالة ، واختلافهم في معنى العدالة ، واكتفاء الشيخ بالمتحرّز عن الكذب ، واكتفاء المشهور بعمل المشهور على الخبر الضّعيف ، واكتفاء بعضهم في المزكّى بالواحد ، واشتراط بعضهم الاثنين ، واختلافهم في الكاشف عن العدالة ، والإشكال في موافقة مذهب المزكّي للمجتهد في معنى العدالة ، والكاشف عنه ، ثمّ بعد ذلك الإشكال في مخالفة الأخبار ومعارضة بعضها لبعض مع اختلافهم في كيفيّة التّرجيح والمناص ، مع أنّ كثيرا من المرجّحات لا نصّ عليها ، مثل علوّ الإسناد وموافقة الأصل ومخالفته ، وغير ذلك ، واختلاف المرجّحات المنصوصة بحيث لا يرجى دفعه إلّا بالرّجوع الى الظنّ الاجتهاديّ كما سنبيّنه في الخاتمة ، الى غير ذلك ممّا لا يحصى كثرة.
والحاصل ، أنّ دعوى الإجماع على حجّية أخبار الآحاد ممّا لا ينفع في شيء من الأحكام من جهة صيرورتها قطعيّة.
وادّعى بعض أهل عصرنا الإجماع على حجّية الظّنون المتعلّقة بالكتاب وأخبار الآحاد بنوعها ، ونحن بمعزل عن ذلك وفهمه وتصوّره ، ولا نتصوّر لذلك معنى إلّا أنّ ما يضطرّ إليه المجتهد في زمان الحيرة ويفهمه فهو حجّة عليه ، ولا اختصاص لذلك بالكتاب وأخبار الآحاد.