وحاصله ، أنّ قطعيّة الأصل عند الصّدوق مثلا لا ينفعنا ولا يفيدنا إلّا الظنّ بالصّدق ، الى غير ذلك من الأبحاث [الإيجاب] الكثيرة التي ترد عليه ، لا نطيل الكلام بذكرها.
ثمّ إنّ بعض الأفاضل قد يوجّه المقام بأنّه يحصل العلم العاديّ من القرينة التي ذكرها المعترض لصدق صاحب الأصل ، وكذا من إسناد الصّدوق إليه وهو غريب.
واعلم أنّ بعض الأخباريين وجّه قولهم بقطعيّة الأخبار ، ودعوى حصول العلم بصحّة الأصل وصدوره عن المعصوم عليهالسلام أو يصدّق مثل الصّدوق فيما أسند الى صاحب الأصل ، أنّ المراد بالعلم هو ما تطمئنّ به النفس وتقضي العادة بالصّدق. وهذا هو العلم العادي ، وهو يحصل بخبر الثّقة الضّابط المتحرّز عن الكذب ، بل وغير الثّقة إذا علم من حاله أنّه لا يكذب ، أو دلّت القرائن على صدقه ، وهذا هو الذي اعتبره الشّارع في ثبوت الأحكام عند الرّعيّة ، وقد عمل الصّحابة وأصحاب الأئمة عليهمالسلام بخبر العدل الواحد ، وبالمكاتبة على يد الشّخص الواحد ، ولا ينافي هذا الجزم تجويز العقل خلافه ، نظرا الى إمكانه ، كما لا ينافي العلم بحياة زيد الذي غاب عنّا لحظة تجويز موته فجأة ، ومن تتبّع كلام العرب يظهر عليه أنّ إطلاق العلم على مثل ذلك حقيقة عندهم.
والحاصل ، أنّ مثل هذا الاطمئنان يجوز العمل به ، فإن شئت فسمّه علما ، وإن شئت فسمّه ظنّا ، فالنّزاع بين الأخباريين والمجتهدين لفظيّ.
أقول : وفيه نظر يتوقّف بيانه على بيان معنى العلم العادي.
فاعلم أنّهم بعد ما عرّفوا العلم بأنّه تمييز لا يحتمل النقيض ، أوردوا عليه بالعلوم العاديّة ، كعلمنا بأنّ الجبل الغائب عنّا بعد لحظة لم يصر ذهبا ، ولا الأواني