في عباداته إلّا ما علّمه أمّه وأبوه أو معلّمه في الكتّاب ، ومع ذلك يستهزءون بالفقيه ويحقّرون أهل الشّرع (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(١) ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٢).
نعم ، من أسّس أساس الشّرع وقوّمه واستعدّ للنظر في هذه المباحث ، فلا يضرّه النّظر فيها والتّأمّل فيها من جهة الاطّلاع على اصطلاحاتهم لئلّا يعجز عن مكالمتهم ومناظرتهم حال البحث ، إذ لا ريب أنّ مدافعة الخصم لا يتمّ إلّا مع معرفة ما يقوله ، وكلّ كلمة من كلماتهم مبتن على اصطلاح خاصّ عندهم وأصل مؤسّس بزعمهم ، ولمّا لم يكن للغافل عن هذه الاصطلاحات في حال التّخاطب الجواب على وفق سؤالهم ، يظنّ الغافل أنّ هذا من جهة عدم اقتدار المتشرّع على ذلك ، وهذا كما ترى أنّ العالم الفحل يعجز عن فهم اللّغة التّركية ، ويتكلّم الطّفل الذي له سنتان أو ثلاث سنين في غاية التّسلّط ، فلهذا لا تضايق بالقول بالوجوب كفاية على من يندفع به مضرّة أهل الشّبهة والإضلال.
الثّامن : أنّا نعلم أنّ قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام عليهالسلام ، بل العدل العارف ، أوقع في النّفس ممّا تفيده هذه الأدلّة المدوّنة في علم الكلام ، إذ هي موقوفة على مقدّمات نظريّة يتوقّف إثباتها على دفع شكوك وشبهات لا يتخلّص عنها إلّا من أيّده الله تعالى.
ويظهر الجواب عن ذلك بملاحظة ما مرّ ، إذ متابعة قول المعصوم عليهالسلام ، بل العدل العارف يكون من باب الاستدلال غالبا ومع الاطمئنان الرّافع للخوف ، فلا حاجة
__________________
(١) الشّعراء : ٦.
(٢) الشعراء : ٢٢٧.