قبح الظلم وحسن العدل ووجوب ردّ الوديعة وغير ذلك لا وجه له ، فإنّ العمل بظنّ المجتهد من أعظم ثمرات هذا الأصل ، وأيّ فائدة أعظم من ذلك.
ولا ريب أنّ الدّليل المعتمد فيه هو دليل العقل إذ ما يستفاد من الشّرع في هذا الباب لا يفيد إلّا ظنّا ، والتمسّك به بدون دليل قاطع ، لا وجه له.
وهذا هو الوجه في جعل الظنّ المستفاد من الاستصحاب وغيره أيضا من الأدلّة العقليّة.
وبعد ملاحظة هذا المعنى ، واندراج المذكورات في أفراد ظنّ المجتهد ، فيعاضدها الأدلّة الشرعيّة أيضا من الآيات والأخبار في أصل الإباحة والاستصحاب وغيرهما ، كما سنشير إليها في مواضعها إن شاء الله تعالى.
هذا ولكن إثبات حجّية ظنّ المجتهد لا دخل له في الأدلّة الشرعيّة التي هي المناط (١) ، لاستفادة الأحكام الفرعيّة ، وهي الموضوع لعلم أصول الفقه ، والمرجع في استنباط المسائل الفقهية ، بل هو يشبه المسائل الكلاميّة كما سنشير إليه في مباحث الاجتهاد والتقليد.
نعم ، يمكن أن يقال : ظنّ المجتهد بالمسائل الفقهيّة ، كما قد يحصل من الأدلّة اللّفظية ، كالكتاب والسنّة ، فقد يحصل من الأدلّة العقلية ، وإذا حصل الظنّ له ، فيحصل الظنّ بالضّرر بمخالفته ، فيلزم اتّباعه ، ومن ذلك يظهر الكلام في
__________________
(١) قد لا يستقيم هذا الكلام ، مع العلم بأنّ إثبات مثل حجيّة الخبر الواحد والشهرة والاجماع المنقول من حيث قيام الحجّة على حجّية ظنّ المجتهد ، فمع القول بها في الأدلّة النقلية فما الذي يمنع من عدم القول بها في الأدلّة العقلية.