والعلّامة رحمهالله كان على ما ظهر لهما من حال علمائنا المعتنين بالفقه والحديث حيث أوردوا الأخبار في كتبهم واستراحوا إليها في المسائل الفقهية.
وأقول : الذي هو صريح كلام الشيخ في «العدّة» موافقته للسيّد في إنكار الإمامية للعمل بخبر الواحد ، لكنّه ذكر أنّه هو ما رواه المخالفون في كتبهم.
وأمّا الذي رواه أصحابنا الإمامية في كتبهم وتداولوه بينهم ، فاتّفقوا على العمل بها ، وصاحب «المعالم» رحمهالله بعد ما ذكر في وجه الدّعويين ما ذكرنا أوّلا كتب في «الحاشية» أنّ ذلك كان قبل وقوفه على كتاب «العدّة» ثمّ نقل رحمهالله في «الحاشية» في وجهها (١) ما نقلناه عن الشيخ واستبعده عن الصّواب ، لأنّ الاعتراف بإنكار عمل الإمامية بأخبار الآحاد لا يعقل صرفه إلى روايات مخالفيهم ، لاشتراط العدالة عندهم ، وانتفاؤها في خبرهم كاف في الإضراب عنها ، فلا وجه للمبالغة في نفي العمل بخبر يروونه.
أقول : ويمكن دفع الاستبعاد بأنّ الإمامية لمّا كانوا مخالطين مع المخالفين ، وكان المخالفون من مذهبهم جواز وضع الأحاديث ، كما لا يخفى على من اطّلع على طريقتهم ، ومنها : ما اشتهر أنّ سمرة بن جندب (٢) اختلق رواية عن رسول
__________________
ـ السّابق الذي ذكر فيه استحالة التعبد بخبر الواحد ، هو كون الأمر كذلك في الأصول لا في الفروع ، وإن نزّل القوم كلامه على الفروع ، فحينئذ يصح كلام ابن قبة وإن كان فيه إشكال أيضا عند المصنف فيما لم يحصل العلم بالأصول ولم يكن تحصيله أيضا أو كان المكلّف غافلا مثلا ، هذا كما في الحاشية.
(١) أي وجه المخالفة.
(٢) السّمرة والسمرة الأوّل بالفتح فالضم والثاني بالضم والسكون كلاهما صحيحان والظاهر الأوّل. والاختلاق بمعنى الافتراء ومنه قوله تعالى : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) ص : ٧.