الجمهور للمتواتر عددا خاصّا.
وإن اريد امتناع تواطئهم على الكذب بملاحظة خصوصيات المواضع وتفاوت لوازم الخبر ، فيرجع هذا إلى أنّ هذا الشرط لمحض إدراج قيد الكثرة ، إذ امتناع تواطئهم على الكذب بحسب لوازم الخبر ، كان مستفادا من قولهم : يفيد بنفسه العلم ، فيرجع الكلام فيه إلى البحث الأوّل (١) ، وهو أنّ التعريف مختلّ للزوم إدراج قيد الكثرة فيه ، وأنّ قولهم : بنفسه ، لا يغني عنه.
وبالجملة ، كلماتهم هنا في غاية الاختلاف ، فالأولى في التعريف ما ذكرنا سابقا (٢) ، والذي يحضرني من كلام القوم ما يوافق ما اخترته ، التعريف الذي اختاره السيّد عميد الدين رحمهالله في «شرح التهذيب» حيث قال : هو في الاصطلاح عبارة عن خبر أقوام (٣) بلغوا في الكثرة إلى حيث حصل العلم بقولهم.
وأمّا الثاني (٤) : فهو كون السّامع غير عالم بما أخبر به لاستحالة تحصيل الحاصل ، وأن لا يكون قد سبق بشبهة أو تقليد إلى اعتقاد نفي موجب الخبر.
وهذا الشرط ممّا اختصّ به سيّدنا المرتضى ، ووافقه المحقّقون ممّن تأخّر عنه (٥) ، وهو شرط وجيه (٦). وبذلك يجاب عن كلّ من خالف الإسلام ومذهب الإماميّة في إنكارهم حصول العلم بما تواتر من معجزات النبيّ صلىاللهعليهوآله والنصّ على
__________________
(١) حيث الإيراد الأوّل.
(٢) من أخذ الكثرة في الحد.
(٣) وتفهم الكثرة من قيد أقوام أيضا فضلا عن قيد حصول العلم بقولهم.
(٤) أي الشرط الثاني وهو ما يتعلّق بالسّامع.
(٥) كما في «الذريعة» ٢ / ٤٩١.
(٦) وجيّد في موضعه ، كما ذهب الشهيد في «الرعاية» ص ٦٤.