وجوب الغسل أعمّ من النجاسة ، والثوب غير البدن ، وغيره من الملاقيات المأكولة والمشروبة وغيرهما. وكذلك البول غير الرّوث ، إلى غير ذلك من المخالفات ، فليس فهم النجاسة الشرعيّة منه إلّا من جهة إجماعهم على أنّ العلّة في هذا الحكم (١) هو النجاسة وليس من باب التعبّد ، وأنّه (٢) لا فرق بين الثوب والجسد ولا البول والرّوث ، وكذلك غيرهما من المخالفات.
وكذلك في مسألة نجاسة الماء القليل كلّ من يستدلّ على التنجيس فيستدلّ ببعض الأخبار الخاصّة ببعض النجاسات ، وبعض المياه الخاصّة كالكلب والماء الذي ولغ فيه في الإناء. وكلّ من يستدلّ على الطهارة يستدلّ ببعض آخر مختصّ ببعض النجاسات وبعض المياه ، كالجرذ الميّتة ، والقربة من الماء ، مع أنّ في الخبر الأوّل (٣) فهم النجاسة من الأمر بالصبّ أو النّهي عن الوضوء ، ومن الثاني (٤) من جهة الأمر بالتوضّي ، ولا ريب أنّ الصبّ لا يدلّ على النجاسة ، وكذا النّهي عن التوضّي ، ومع ذلك لم يفصّلوا بالعمل بالرّوايتين ولم يبقوهما على حالهما مع عدم التعارض بينهما ، وليس ذلك إلّا الإجماع المركّب ، وعدم القول بالفرق بين المسألتين ، وليت شعري من ينكر حجّية الإجماع أو إمكان وقوعه أو العلم به بأيّ شيء يعتمد في هذه المسائل ، فإن كان يقول : أفهم كذا من اللفظ ، فمع أنّه مكابرة واقتراح وخروج عن اللغة والعرف ، فلم لا يفهم فيما لو أمر الشّارع بالجهر في الصلاة للرجل ؛ وجوبه على المرأة ، ويفهم من قوله : اغسل ثوبك دون قوله :
__________________
(١) والمراد بهذا الحكم هو وجوب غسل الثوب.
(٢) عطف على قوله : انّ العلّة في هذا الحكم.
(٣) وهو الخبر الذي يدلّ على نجاسة الماء القليل.
(٤) ومن الخبر الثاني فهم الطهارة من جهة الأمر بالتوضي.