وإن أريد أنّ أهلّ العرف متردّدون ، بمعنى عدم استقرار رأي أحدهم على شيء لتساوي الاحتمالين في كل مورد.
قلنا : لا نسلّم التردّد ، وإن سلّم فهو في البادئ (١). وأمّا بعد التأمّل ، فنفي الصحّة أرجح لكونه أقرب الى الحقيقة ، فيقدّم على غيره.
وإن أريد أنّ الألفاظ مختلفة في الفهم ، فيفهم من قوله : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» (٢) ، نفي الكمال ، ومن قوله : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب». نفي الصّحة (٣) ، وهكذا.
قلنا : ممنوع ، بل الظاهر في الكلّ نفي الصّحة ، والإجماع وسائر الأدلّة هو المخرج عن مقتضى الظاهر في الأوّل.
ويظهر حجّة المفصّل وجوابها ممّا تقدّم (٤) بالتأمّل.
والظاهر أنّ المفصّل ممّن يدّعي كون الألفاظ الشرعيّة كلّها حقيقة في الصحيحة.
الثالث :
اختلفوا في التحليل والتحريم المضافين الى الأعيان مثل : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ،)(٥) و : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ،)(٦) و : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ،)(٧) و : (أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ
__________________
(١) أي في بادئ النظر.
(٢) «دعائم الاسلام» : ١ / ١٤٨ ، «مستدرك الوسائل» : ٣ / ٣٥٦ ح ٣٧٦٧.
(٣) والقول في نفي الكمال ونفي الصحة قول بأن لا اجمال.
(٤) وكذا قال في «المعالم» ص ٣١٨.
(٥) النساء : ٢٣.
(٦) المائدة : ٣.
(٧) المائدة : ١.