هذه القبائل الذين يمتلكون مثل هذه الفرس الأصيلة ، فطلب الحاكم في مقابل خدمته الكبيرة تلك أن يهب له إحدى أفراسه التي لم تكن تعدل في فكره تلك الخدمة ، وكم كان دهشه عظيما عندما قال له شيخ القبيلة : إنني أستطيع أن أمنحك ابنتي مع مائة ألف مجيدية جهازا لها ولا أستطيع أن أهب لك فرسا من أفراسي العزيزة»؟!
ولقد علمت أن شيخ القبيلة العربي إذا ما حدث له وسرقت أمواله ومواشيه في غارة أو ما شابه واحتاج إلى المال فإنه يبيع كل ما يملك من عقار وأثاث دون أن يفكر في بيع فرس من أفراسه البتة ، وإذا اضطر وهذا في حالات قليلة جدّا فإنه يبيع ربعها على الأكثر وذلك بشروط قاسية منها عدم السماح بامتطائها في سفرات واحتفاظه بحقه في استرجاع ما باعه منها. وعندما تلد الفرس مهرا فعلى صاحبها الأول أن يتحمل مشاق ومتاعب تربيته لمدة سنة كاملة. وبعدئذ يخير الشريك في اختيار حصته من الفرس أو المهر. هذه الشروط متبعة ومعروفة عند جميع شيوخ القبائل العربية وإنهم يحكمون بموجبها في الحوادث التي تظهر عند إجراء هذه المعاملات عادة. وسكنة الصحارى في هذه المناطق لا يطلبون في الأغلب أفراسا تتميز بسرعة الجري لأن الصحارى التي يعيشون فيها مملوءة بالأحراش والأشواك أو الأهوار. ففي هذه الحالة يرغبون في أفراس تتحمل مشاق السير في تلك الطرق الوعرة وتقاوم صعوبة تلك المظاهر الجغرافية. وتوجد أفراس من هذا القبيل تستطيع أن تجري لمسافات شاسعة وأن تتحمل العطش والجوع ساعات أو أياما.
ولقد ذكر أحدهم أن بعض هذه الأفراس استطاعت أن تجري مدة ثلاثة أيام مع لياليها من غير انقطاع ودون أن تقتات شيئا أو تشرب ماء ، والعجيب أنه بعد قطع تلك المسافة لم تصب بأذى أو أي مكروه حتى في قوائمها أو حوافرها.
والفرس على أي حال ليس باستطاعتها أن تحملنا إلى خوزستان التي نقصد إليها ، بل إن الذي يناسب هذا الطريق الوعر هو اليابو أو عدد من البغال التي في مكنتها أن تتحمل أمثال تلك المتاعب والمشاق.