اللصوص والمشجعين
لهم في حقيقة الأمر وواقعه ..
ولكن عند ما بلغ
السيل الزبى وضج الجميع بالشكوى من أعمال هؤلاء اللصوص الذين اتخذوا مقبرة الست
مقرّا وكمينا ، اضطرت سلطات الأمن إلى أن ترسل دورية صغيرة إلى هناك وتقبض على
شخصين مجهولين يغلب على الظن أنهما لم يكونا من تلك العصبة المارقة .. وعلى أي حال
فقد سيقا إلى المحاكم ، ولكن عمليات السلب والنهب والقتل لم تنته ، وعرف الجميع
عندئذ أن سلطات الأمن متآمرة سرّا مع هؤلاء اللصوص وأخذت الألسن تلوك هذه الفضيحة
بحيث لا تقبل الشك والريب ..
ولما رأى الوالي
أن القضية بلغت مبلغا خطرا وتطورت هذا التطور غير المنتظر وجد أن خير طريقة للخروج
من هذا المأزق هو أن يجرد! حملة من عمال البناء ليقيموا حائطا عند مدخل باب
المقبرة ويمنعوا دخول اللصوص أو الناس الطيبين؟!.
وبعد عدّة سنين
أمر الوالي بفتح ثغرة مربعة في حائط من حيطان المقبرة ، وذلك على حسب رجاء زهاد
بغداد الذين رجوه لكي يستطيعوا أن يمدوا رؤوسهم خلالها ويشاهدوا ما في داخلها
كالجرذان تماما. ونحن أيضا قمنا بتلك العملية نفسها فمددنا رؤوسنا داخل المقبرة
وشاهدنا ما كان في المقدور مشاهدته بمثل تلك الطريقة!
يتكوّن بهو
المقبرة من ثمانية أضلاع ويتلوها قبة مخروطية الشكل تزينها من الخارج بعض النقوش
والمنخفضات والمرتفعات الحادثة من طرز وضع أحجارها. أما حيطانها الداخلية فبسيطة
ليس فيها تزيين أو تزويق.
ولم تكن الست
زبيدة وحدها ترقد في هذا المكان الأبدي بل يقال إن زوج أحد شيوخ القبائل العربية الكبيرة تقاسم الأميرة العباسية
هذا المكان الهادئ .. وتجد على القبرين قطعا من الآجر لم يراع في وضعها وإنشائها
أسلوب فني جميل ، كما يظهر أنها لم تكن منحوتة نحتا جيدا. وعلى أي حال
__________________