وكيف كان (١) ، فهذه الآية إنّما تدلّ على وجوب الأمر الشّرعي لا الوجوب لغة ، وأيضا لا تدل (٢) على دلالة الصّيغة على الوجوب ، بل الأمر.
وما قيل (٣) : من أنّ الأمر حقيقة في الصّيغة المخصوصة ، والتّهديد على مخالفة ما صدق عليه الأمر من الصّيغ.
ففيه ما لا يخفى ، إذ الأمر إنّما يسلم صدقه على الصّيغة إذا كان الطّلب بها على سبيل الاستعلاء المستلزم للوجوب.
وأمّا إذا أريد منها مجرّد الندب أو الإرشاد أو الأذن أو غير ذلك ، فلا يصدق عليه أنّه أمر.
والحاصل ، أنّ قولهم في تعريف الأمر مطابقا لمعناه العرفيّ طلب بالقول على سبيل الاستعلاء ، أو طلب بالقول من العالي ، يعتبرون في ذلك حيثية العلوّ سيّما في التعريف الأوّل ، وهو مستلزم للوجوب عرفا ، ولا ريب أنّ صيغة افعل الصادرة عن العالي ليس يعتبر فيها الاستعلاء في جميع موارد استعمالها ، فكيف يقال باستلزام دلالة الأمر على الوجود ، دلالة الصّيغة المطلقة عليه حتّى يجدي في المواضع الخالية عن القرينة التي هي محطّ نظر الاصولي.
وأيضا فعلى هذا فلا معنى للنّزاع في دلالة صيغة افعل على الوجوب ، ويكفي في ثبوت ذلك إثبات دلالة لفظ الأمر عليه ، وهو كما ترى خلاف ما اتّفقت عليه كلمة الأصوليّين.
__________________
(١) هذا خامس الايرادات على الدّليل بمنع كلية الكبرى.
(٢) هذا سادس الايرادات.
(٣) أي في دفع الايراد المذكور ، والقائل به هو الفاضل الجواد ، كما في «شرح الزبدة».