التفصيل ، فقال : إنّ إطلاق المشتق باعتبار الماضي حقيقة إن كان اتّصاف الذّات بالمبدإ أكثريا ، بحيث يكون عدم الاتّصاف بالمبدإ مضمحلّا في جنب الاتّصاف ، ولم يكن الذّات معرضا عن المبدا وراغبا عنه ، سواء كان المشتق محكوما عليه أو به ، وسواء طرأ الضدّ الوجودي أو لا. لأنّهم يطلقون المشتقّات على المعنى المذكور من دون نصب القرينة ، كالكاتب والخيّاط والقارئ والمتعلّم والمعلّم ونحوها ، ولو كان المحلّ متّصفا بالضدّ الوجودي كالنّوم ونحوه.
والقول بأنّ الألفاظ المذكورة ونحوها ، كلّها موضوعة لملكات هذه الأفعال ؛ ممّا يأبى عنه الطّبع السليم في أكثر الأمثلة ، وغير موافق لمعنى مبادئها على ما في كتب اللّغة ، انتهى(١).
وبعد ما حقّقنا لك ، لا يخفى عليك ما فيه.
إذا تحقّق ذلك فنقول : إنّ ما جعلوه ثمرة النزاع من مثل كراهة الجلوس تحت الشّجرة المثمرة ، ينبغي التأمّل في موضع الثمرة منها ، فإنّ المثمرة يجوز أن يكون المبدا فيها هو الملكة ، فإنّ للشجرة أيضا يتصوّر نظير ما يتصوّر للإنسان ، وعلى هذا فلا يضرّ عدم وجود الثمرة بالتلبّس بالمبدإ فيها إلّا أن يحصل للشجرة حالة لا يحصل معها الثمرة أصلا بالتجربة ونحوها ، شبيه النسيان للإنسان ، ويجوز أن يكون هو الحال.
والحال أيضا يحتمل معنيين : أحدهما : صيرورته ذا ثمرة مثل : أغدّ البعير (٢).
والثاني : المعنى المعهود الحالي.
فعليك بالتأمّل والتفرقة في كلّ موضع يرد عليك.
__________________
ـ يبدو لي أنّه للأوّل وذكر عين العبارات من قوله : ان اطلاق المشتق ... الخ ، الى ... على ما في كتب اللغة. في «الوافية» في أولى صفحاتها في بحث المشتق ص ٦٣.
(١) كلام صاحب «الوافية» فيها ص ٦٤.
(٢) أي صار ذا غدّة فهو مغدّ ، والغداد جمع غدد وهو طاعون الإبل.