النحس الذي يلقاهما فيفرق بينهما ، يريد بيت مطيع ، وعن أبي نمير عبد الله بن أيوب قال : لما خرج المهدي فصار بعقبة حلوان استطاب الموضع فتغدّى به ودعا بحسنة فقال لها : ما ترين طيب هذا الموضع! غنيني بحياتي حتى أشرب ههنا أقداحا ، فأخذت محكّة كانت في يده فأوقعت على فخذه وغنته فقالت:
أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا ، |
|
إذا نام حرّاس النخيل ، جناكما |
فقال : أحسنت! لقد هممت بقطع هاتين النخلتين ، يعني نخلتي حلوان ، فمنعني منهما هذا الصوت ، فقالت له حسنة : أعيذك بالله أن تكون النحس المفرق بينهما! وأنشدته بيت مطيع ، فقال : أحسنت والله فيما فعلت إذ نبّهتني على هذا ، والله لا أقطعهما أبدا ولأوكلن بهما من يحفظهما ويسقيهما أينما حييت! ثم أمر بأن يفعل ذلك ، فلم تزالا في حياته على ما رسمه إلى أن مات ، وذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله ابن أبي سعد عن محمد بن المفضل الهاشمي عن سلام الأبرش قال : لما خرج الرشيد إلى طوس هاج به الدم بحلوان فأشار عليه الطبيب بأكل جمّار ، فأحضر دهقان حلوان وطلب منه ، فأعلمه أن بلادهم ليس بها نخل ولكن على العقبة نخلتان ، فأمر بقطع إحداهما ، فلما نظر إلى النخلتين بعد أن انتهى إليهما فوجد إحداهما مقطوعة والأخرى قائمة وعلى القائمة مكتوب ، وذكر البيت ، فأعلم الرشيد وقال : لقد عز عليّ أن كنت نحسكما ولو كنت سمعت هذا البيت ما قطعت هذه النخلة ولو قتلني الدم ، ومما قيل في نخلتي حلوان من الشعر قول حمّاد عجرد :
جعل الله سدرتي قصر شي |
|
رين فداء لنخلتي حلوان |
جئت مستسعدا فلم تسع داني ، |
|
ومطيع بكت له النخلتان |
وروى حماد عن أبيه لبعض الشعراء في نخلتي حلوان :
أيها العاذلان لا تعذلاني ، |
|
ودعاني من الملام دعاني |
وابكيا لي ، فإنني مستحقّ |
|
منكما بالبكاء أن تسعداني |
إنني منكما بذلك أولى |
|
من مطيع بنخلتي حلوان |
فهما تجهلان ما كان يشكو |
|
من هواه ، وأنتما تعلمان |
وقال فيهما أحمد بن إبراهيم الكاتب من قصيدة :
وكذاك الزمان ليس ، وإن أل |
|
لف ، يبقى عليه مؤتلفان |
سلبت كفّه العزيز أخاه ، |
|
ثم ثنّى بنخلتي حلوان |
فكأنّ العزيز مذ كان فردا ، |
|
وكأن لم تجاور النخلتان |
وحلوان أَيضاً : قرية من أعمال مصر ، بينها وبين الفسطاط نحو فرسخين من جهة الصعيد مشرفة على النيل ، وبها دير ذكر في الديرة ، وكان أول من اختطها عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر ، وضرب بها الدنانير ، وكان له كل يوم ألف جفنة للناس حول داره ، ولذلك قال الشاعر :
كلّ يوم كأنه عيد أضحى |
|
عند عبد العزيز ، أو يوم فطر |
وله ألف جفنة مترعات ، |
|
كلّ يوم ، يمدّها ألف قدر |