وما كلُّ ذي لبٍّ بموتيك نصحه |
|
ولا كلُّ مؤت نضحه بلبيب |
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد |
|
فحقٌّ له من طاعة بنصيب |
وعاش صيفيُّ بن رياح بن أكثم أحد بني أسد بن عمر بن تميم مائتين وسبعين سنّة وكان يقول : لك على أخيك سلطان في كلِّ حال إلّا في القتال ، فإذا أخذ الرَّجل السلاح فلا سلطان لك عليه ، وكفى بالمشرفيّة واعظاً (١) ، وترك الفخر أبقى للثناء ، وأسرع الجرم عقوبة البغي ، وشرُّ النصرة التعدِّي ، وألام الاخلاق أضيقها ، ومن سوء الادب كثرة العتاب (٢) ، وأقرع الأرض بالعصاء. ـ فذهبت مثلاً ـ (٣).
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا |
|
وما علم الانسان إلّا ليعلما |
وعاش عبّاد بن شداد اليربوعيُّ : مائة وخمسين سنّة (٤).
وعاش أكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم ثلاثمائة وستّين سنّة وقال بعضهم مائة وتسعين سنّة وأدرك الاسلام فاختلف في إسلامه إلّا أنَّ أكثرهم لا يشكُّ في أنَّه لم يسلم فقال في ذلك :
وإنّ امرءاً قد عاش تسعين حجّة |
|
إلى مائة لم يسأم العيش جاهل |
خلت مائتان غير ستّ وأربع |
|
وذلك من عدِّ الليالي قلائل |
وقال محمّد بن سلمة : أقبل أكثم بن صيفي يريد الاسلام فقتله ابنه عطشا فسمعت أنَّ هذه الآية نزلت فيه « ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع أجره على الله » (٥) ولم تكن العرب تقدَّم عليه أحداً في الحكمة ، وإنّه
__________________
(١) المشرفية سيوف جيدة تنسب إلى مشارف الشام.
(٢) في بعض « النسخ » ومن الاذى كثرة العتاب ».
(٣) القرع ـ بالفتح ـ : الضرب ، والمراد أن ينبه الانسان صاحبه عند خطئه. وأصل المثل أنَّ عامر بن الظرب طعن في السن وأنكر قومه من عقله شيئاً ، فقال لبنيه : اذا رأيتمونى خرجت من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا إلى المحجن بالعصا فكانوا يقرعونه والارض.
(٤) في « المعمرون » مائة وثمانين سنّة وفي بعض النسخ « عاد بن شداد ».
(٥) النساء : ٩٩.