مضاعفة فكيف يسومنا (١) صاحب الكتاب أن نلقى بالاغمار (٢) المتدر بين بالحروب. وكم عسى أن يحصل في يد داع أنَّ دعا من هذا العدد؟ (٣) هيهات هيهات ، هذا أمر لا يزيله إلّا نصر الله العزيز العليم الحكيم.
قال صاحب الكتاب بعد آيات من القرآن تلاها ينازع في تأويلها أشدَّ منازعة ولم يؤيد تأويله بحجّة عقل ولا سمع : فافهم ـ رحمك الله ـ من أحقُّ أن يكون لله شهيداً من دعا إلى الخير كما اُمر ، ونهى عن المنكر ، وأمر بالمعروف ، جاهد في الله حق جهاده حتّى استشهد؟! أم من لم يروجهه ولا عرف شخصه؟! أم كيف يتّخذه الله شهيدا؟ على من لم يرهم ولا نهاهم ولا أمرهم فإنَّ أطاعوه ادّوا ما عليهم وإن قتلوه مضى إلى الله عزَّ وجلَّ شهيداً؟! ولو أنَّ رجلاً استشهد قوماً على حق يطالب به لم يروه ولا شهدوه هل كان شهيداً؟ وهل يستحق بهم حقا إلّا أن يشهدوا على ما لم يروه فيكونوا كذا بين وعند الله مبطلين؟! وإذا لم يجز ذلك من العباد فهو غير جائز عند الحكم العدل الّذي لا يجور ، ولو أنَّه استشهد قوماً قد عاينوا وسمعوا فشهدوا له ، والمسألة على حالها أليس كان يكون محقّاً وهم صادقون وخصمه مبطل وتمضي الشهادة ويقع الحكم ، وكذلك قال الله تعالى : إلّا من شهد بالحقِّ وهم يعلمون » (٤) أولا ترى أنَّ الشهادة لا تقع بالغيب دون العيان ، وكذلك قول عيسى « وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ـ الآية » (٥).
فأقول ـ وبالله أعتصم ـ : يقال لصاحب الكتاب : ليس هذا الكلام لك بل هو للمعتزلة وغيرهم علينا وعليك ، لأنّا نقول : أنَّ العترة غير ظاهرة وإنَّ من شاهدنا منها لا يصلح أن يكون إماماً ، وليس يجوز أن يأمرنا الله عزَّ وجلَّ بالتّمسّك بمن لا نعرف منهم ولا نشاهده ولا شاهده أسلافنا ، وليس في عصرنا ممّن شاهدناه منهم ممّن
__________________
(١) سامه الامر : كلفه أباه.
(٢) الغمر ـ مثلثة الغين ـ : من لم يجرب الامور والجاهل ، جمعه أغمار.
(٣) يعنى أنَّ دعا الامام أو غيره مثلاً المتدربين بالحروب كم يجتمع له منهم.
(٤) الزخرف : ٨٦.
(٥) المائدة : ١١٢.