ألف فرسخ ، والروم خمسة آلاف فرسخ ، وبابل ألف فرسخ. وحكي أن بطليموس صاحب المجسطي قاس حرّان ، وزعم أنّها أرفع الأرض ، فوجد ارتفاعها ما عدّد ، ثم قاس جبلا من جبال آمد ورجع فمسح من موضع قياسه الأول ، إلى موضع قياسه الثاني ، على مستو من الأرض ، فوجده ستة وستين ميلا ، فضربه في دور الفلك وهو ست وستون درجة فبلغ ذلك أربعة وعشرين ألف ميل ، يكون ذلك ثمانية آلاف فرسخ ، فزعم أن دور الأرض يحيط بثمانية آلاف فرسخ. وقال غير بطليموس ممن يرجع إلى رأيه ، إن الأرض مقسومة بنصفين ، بينهما خطّ الاستواء ، وهو من المشرق إلى المغرب ، وهو أطول خطّ في كرة الأرض ، كما ان منطقة البروج أطول خطّ في الفلك ، وعرض الأرض ، من القطب الجنوبي الذي يدور حوله سهيل إلى الشمال الذي تدور حوله بنات نعش ، فاستدارة الأرض ، بموضع خطّ الاستواء ، ثلاثمائة وستون درجة ، الدرجة خمسة وعشرون فرسخا ، فيكون ذلك تسعة آلاف فرسخ ، وبين خط الاستواء وكلّ واحد من القطبين تسعون درجة ، واستدارتها عرضا مثل ذلك ، لأن العمارة في الأرض بين خطّ الاستواء وكل واحد أربع وعشرون درجة ، ثم الباقي قد غمره ماء البحر ، فالخلق في الرّبع الشمالي من الأرض والربع الجنوبي خراب ، والنصف الذي تحتها لا ساكن فيه ، والربعان الظاهران هما أربعة عشر إقليما ، منها سبعة عامرة ، وسبعة غامرة ، لشدّة الحرّ بها. وقال بعضهم : العمران في الجانب الشمالي من الأرض ، أكثر منه في الجانب الجنوبي ، ويقال إن في الشمالي أربعة آلاف مدينة ، وإن كل نصف من الأرض ربعان ، فالربعان الشماليان هما النصف المعمور ، وهو من العراق إلى الجزيرة ، والشام ، ومصر ، والروم ، والفرنجة ، ورومية ، والسوس ، وجزيرة السعادات ، فهذا الربع غربي شمالي ، ومن العراق إلى الأهواز ، والجبال ، وخراسان ، وتبّت ، إلى الصين ، إلى واق واق ، فهذا الربع شرقي شمالي ، وكذلك النصف الجنوبي ، فهو ربعان : شرقي جنوبي ، فيه بلاد الحبشة والزنج ، والنوبة ، وربع غربي لم يطأه أحد ممن على وجه الأرض ، وهو متاخم للسودان الذين يتاخمون البربر ، مثل كوكو وأشباههم. وحكى آخرون أن بطليموس الملك اليوناني ، وأحسبه غير صاحب المجسطي ، لم يكن ملكا ولا في أيام الملوك البطالسة ، إنما كان بعدهم ، بعث إلى هذا الربع قوما حكماء منجمين ، فبحثوا عن البلاد وألطفوا النظر والاستخبار من علماء تلك الأمم التي تقاربها ومن هو على تخومها ، فانصرفوا إليه فأخبروه أنه خراب يباب ليس فيه ملك ولا مدينة ولا عمارة ، وهذا الربع يسمّى المحترق ، ويسمّى أيضا الربع الخراب ، ثم إن بطليموس أراد أن يعرف عظم الأرض وعمرانها وخرابها ، فبدأ فأخذ ذلك من طلوع الشمس إلى غروبها من العدد ، وذلك يوم وليلة ، ثم قسم ذلك على أربعة وعشرين جزءا ، الساعات المستوية خمسة عشر جزءا ، وضرب أربعة وعشرين في خمسة عشر ، فصار ثلاثمائة وستين جزءا ، فأراد أن يعرف كم ميلا يكون الجزء ، فأخذ ذلك من خسوف القمر وكسوف الشمس ، فنظر كم ما بين مدينة الى مدينة من ساعة ، وكم بين المدينة إلى الأخرى ، فقسم الأميال على أجزاء الساعة ، فوجد الجزء الواحد منها خمسة وسبعين ميلا ، فضرب خمسة وسبعين في ثلاثمائة وستين جزءا من أجزاء البروج ، فبلغ ذلك سبعة وعشرين ألف ميل ،