غلامك؟ قال : نعم ، واستراح من الكتّاب! قال الرشيد : وإن الكتّاب ليبلغ منك هذا المبلغ؟ دعوه إلى حيث انتهى ، ولا تعلّموه شيئا ؛ فكان يكتب كتابا ضعيفا ، ويقرأ قراءة ضعيفة.
قال الزّبير بن بكار :
لمّا قدمت إلى الرّشيد لأحدّث أولاده بالأخبار التي صنّفتها ، أعجل المعتصم في القصر فعثر ، فكادت إبهامه تنقطع ، فقام وهو يقول (١) :
يموت الفتى من عثرة بلسانه |
|
وليس يموت المرء من عثرة الرّجل |
فعثرته من فيه ترمي برأسه |
|
وعثرته بالرّجل تبرا على مهل |
كذا ، وقد وهم ، فإن الزّبير لم يكن في زمن الرّشيد يقرأ عليه ، فإنه كان ميتا إذ ذاك ، وإنما قرئ عليه في أيام المتوكّل والّذي عثر المعتزّ بن المتوكّل.
[قال أبو بكر الخطيب](٢) :
[حدثني أبو القاسم الأزهري وعبيد الله بن علي بن عبيد الله الرقي ، قالا : حدثنا عبيد الله بن محمد المقرئ ، حدثنا محمد بن يحيى النديم حدثنا عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد قال : سمعت العباس بن الفرج يقول :](٣).
كتب ملك الرّوم كتابا إلى المعتصم يتهدّده فيه ، فأمر بجوابه ، فلمّا قرئ عليه الجواب لم يرضه ، وقال للكاتب : اكتب ؛ بسم الله الرحمن الرحيم ؛ أما بعد ؛ فقد قرأت كتابك ، وسمعت خطابك ، والجواب ما ترى لا ما تسمع (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) [سورة الرعد ، الآية : ٤٢](٤).
قال الخطيب (٥) : غزا المعتصم بلاد الرّوم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين ، فأنكى في العدوّ نكاية عظيمة ، ونصب على عمّورية (٦) المجانيق ، وأقام عليها حتى فتحها ، ودخلها
__________________
(١) البيتان في العقد الفريد ٢ / ٤٧٣ ونسبهما إلى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهما بدون نسبة في عيون الأخبار ٢ / ١٨٠.
(٢) زيادة للإيضاح.
(٣) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن تاريخ بغداد.
(٤) الخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٤ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٤ والبداية والنهاية ٧ / ٣٠٤ وسير الأعلام ١٠ / ٢٩١.
(٥) الخبر في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٤ وتاريخ الإسلام (٣٩٤) والبداية والنهاية ٧ / ٣٠٤.
(٦) عمورية مدينة في بلاد الروم (انظر معجم البلدان).