إشارة تفيد بالضبط
السنة التي تم فيها تأليف الكتاب ، فهو يكتفي بالقول أن أحد المقدسيين سأله أن
يذكر له فضائل بيت المقدس ففعل. ومن يدري فلعل التاريخ قد دوّن في الأوراق الاخيرة
الساقطة.
ولم ينقطع ابن
الجوزي طيلة كل هذه السنين عن الوعظ والتعليم والتأليف في مواضيع مختلفة ، بحيث
أصبح من أشهر الوعاظ ومن أعظم المؤلفين في الاسلام وأكثرهم تأليفا. وليس غريبا أن
يكون في هذا العهد من عمره قد شرب حب البلاذر ، فسقطت لحيته وأصبحت قصيرة جدا.
قالوا : فصار يخضبها بالسواد إلى أن مات .
محنته في عهد
الوزير ابن القصاب
ولم تصف له
الأقدار في آخر حياته. فقد كان أن تسلّم الوزارة في بغداد سنة ٥٩٠ ه. وزير جديد
يعرف بابن القصاب ، وكان يميل إلى الشيعة ، فقتل سلفه الوزير ابن يونس. واستغلّ
بعض ابناء الشيعة هذه السانحة ، فادعوا على ابن الجوزي أنه كان من اعوان ابن يونس
، وانه ممن يبغضون الامام عليا ويبغضون شيعته. وكان قد ألف كتابا اسمه «درة
الاكليل» ذيّل به «المنتظم» زعم سبطه أن منه ما سبّب الدعوى عليه . فأمر ابن القصاب بنفي ابن الجوزي إلى واسط. ذكر الذهبي في
تذكرة الحفاظ أنه «نالته محنة في أواخر عمره ...» «جاءه من شتمه وأهانه وختم على
داره وشتّت عياله. ثم أخذ في سفينة إلى واسط ، فحبس بها في بيت ،
__________________