عبثا حاول حاكم جبيل الموالي لمصر : ربّ عدي ، أن يحصل على النجدة من الفراعنة لصون مدينته من الغزو ، فقد حفظت لنا رسائل تل العمارنة حوالى خمسين رسالة متلاحقة بعث بها الحاكم الجبيليّ إلى الفرعون المصريّ يحثه فيها على التدخّل لحماية المدينة دون جدوى ، وقد حقّق في هذا الحدث المؤرخ اللبنانيّ الكبير الدكتور فيليب حتّي ، واستخلص ما أسماه ب" مأساة رب ادّي" (أو عدي) على الشكل التالي :
" بعث رب أدّي ، صديق مصر ، الرسالة تلو الرسالة ، ينعي فيها على عبد أشيرتا (الكلب) وابنه عزير وخيانتهما ويلتمس منه العون. ولكنه لم يلق من مصر جوابا. وأرسلت مدينة بيروت (BI ـ RU ـ TA) وصيدا (SI ـ DU ـ NA) رسائل تطلب فيها إلى فرعون مصر أن يسرع إلى نجدة جارتهم إلى الشمال ، جبيل ، التي أصبح الضغط على أميرها شديدا. ولدينا آجّرة ـ ولكنّها مشوّهة تصعب قراءتها ـ فيها ذكر لعامل مصر الذي وعد بأن يرسل مراكب وعساكر على جناح السرعة لصد الأموريّ (العموريّ) المغتصب ، ولكن هذا الوعد لم يتحقّق. وقد تحسّس أمنحوتب مرّة فأرسل فرقة من جيشه ـ عوضا عن أن يرسل جيشا كبيرا يسير في مقدّمته كما كان يفعل سلفه طحوتموس ـ تمكّنت من استرداد مدينة سميرا وقمعت الثورة ولو لوقت قصير. ولكن الفرقة كانت صغيرة فلم تستطع أن تقف في وجه الخطر المداهم من الشمال : خطر الحثيّين. وإن موت عبد أشيرتا قتلا لم يغيّر في الوضع شيئا ، فإنّ أبناءه ، وعلى رأسهم عزيرو ، ساروا في خطوات أبيهم واتّبعوا الأساليب المكيافيليّة ذاتها. ولم يتغيّر الوضع السياسيّ في مصر ، ففي هذه الأثناء تسنّم أخناتون عرش مصر سنة ١٣٧٧ ق. م. فازدادت الحالة سوءا على سوء. وأخذ ربّ أدّي ، أمير جبيل ، يرسل الرسائل إلى فرعون مصر ذاكرا فيها خبر الكوارث