يتعلق بالكوفة؟
تقول إن المسجد
كان بدون أروقة على كل جوانبه ، قبل إمارة زياد ، باستثناء جانب القبلة. فكان
ممكنا مشاهدة دير هند من الصحن ، وباب الجسر في اتجاه الفرات ، وهذا يعني أنه لم تكن هناك جدران مرتفعة كفاية ، لكن لعله
وجد سياج من قصب أو جدار صغير من لبن على أكثر تقدير. إن الطابع البدائي للمسجد أي
انعدام البناء أو قلته ، نستدل عليه أيضا من أن سعدا هدمه بسرعة كبيرة ونقله إلى
الجنوب قرب القصر ، بسبب سرقة بيت المال الذي كان ملحقا بالقصر . أما عن تعليل عملية تقريب المسجد من القصر ، فهو أنه تقوم
على المسجد حراسة تكون بالليل والنهار ، وأن حضور الحراس من شأنه أن يمنع تكرار
مثل هذه الحادثة العارضة ، مما يفسر أن المسجد يلاصق القصر ، فشكّلا بنايتين
متلاصقتين. وسيحتل الموضع الأولي للمسجد بعد ذلك جانبا من السوق ، ويكون من نصيب باعة
الصابون والتمر. وهذا ما يفسر عبارة سيف في هذا المضمار الذي أراني أعود إليها :
«فأول شيء خطّ
بالكوفة وبني حين عزموا على البناء المسجد ، فوضع في موضع أصحاب الصابون
والتّمارين من السوق» .
إن هذه المقولة عن
تفتح المسجد ، وسرعة انتقاله بالفعل ، توجهنا إلى فكرة الخلاء غير المشيد ، ومن
المعلوم أن المصادر تحدثت بخصوص البصرة عن مسجد مشيد بالقصب . لكن ذلك لا يمنع ، لا محالة ، وجود قاعة مسقفة للصلاة (وهذا
هو المعنى الذي تؤديه كلمة ظلة) تتجه إلى القبلة ـ مع العلم أنها حادت عنها قليلا ـ. إن المصادر التي بين أيدينا لا تتكلم إلا عن الصحن
وتصفه بأنه صحن غير مسيج أو قليل التسييج ، مما يتيح الإشراف على الجسر ودير هند.
لكن الارجح أن هذه الظلة كانت موجودة منذ البداية ، وقد شيدت تشييدا خفيفا بالقصب
وحتى باللبن . وبعد أن وقع نقل المسجد ، وهدمه سعد ،
__________________