الإطار الزمني
عمليا شيدت مدينة الكوفة على مراحل ، وأكثر المراحل بداهة بعد تحليل أولي هي : خلافة عمر (١٧ ـ ٢٣ ه / ٦٣٨ ـ ٦٤٣) وولاية زياد (٥٠ ـ ٥٣ ه / ٦٧٠ ـ ٦٧٢) ـ وكانتا فترتين رئيسيتين ـ وولاية خالد القسري (١٠٥ ـ ١٢٠ ه / ٧٢٣ ـ ٧٣٧) ، والعصر العباسي الأول (١٣٢ ـ ١٩٧ ه / ٧٤٩ ـ ٨١٣) ، والعصر العباسي الثاني وهو فترة زمنية شاسعة (١٩٧ ـ ٣٣٤ ه / ٨١٣ ـ ٩٤٥). توحي دراسة المصادر المكتوبة بهذا التقسيم الزمني أنها مؤيدة تماما بما توصل إليه علم الآثار من نتائج ، فالحفريات الجدية التي جرت في القصر (١) أتاحت بلوغ مستوى أولي ، ومستوى أموي (يمتد على فترتين) ومستوى عباسي (يمتد أيضا على فترتين). والأهم من ذلك أن القصر الأموي المشيد والذي أعيد بناؤه ، يشكل إلى حد بعيد أهم عنصر في العمارة من جهة الهيكل كما من جهة المظهر (٢). فجاء علم الآثار مؤيدا للتاريخ في اصطفاء العصر الأموي عصرا أساسيا في وجود الكوفة ، ولم يكن ذلك على الصعيد المعماري فحسب ، إذ لم يقم الولاة العباسيون بغير ترميم القصر الأموي لصلاحه على وضعه القائم ، لكن أيضا لأن التغيير شمل كل شيء في الكوفة فلم يعد هناك مجال للخلق ، بل للتدعيم انطلاقا من البنية الموروثة ، إذ لم تعد الكوفة عسكريا وسياسيا ، أحد المراكز الحيوية للامبراطورية. وليس من باب الصدفة كذلك أن تكاثرت الجزئيات بالنسبة للعصر الأموي في ما لدينا من مصادر حيث كانت الأحداث متوفرة عندئذ ، وقد جدّت أمور وأمور. هذا ولا يمكن أن يكون الترابط عفويا بين ما اصطبغ به المستوى الأموي من مركزية كشف عنها علم الآثار ، وما اكتسته الأحداث التاريخية من أهمية ، وإسهاب الاخباريين في الكلام عنها. حقّا لا يستبعد أن تكون الكوفة أفادت في العصر العباسي من نماء دار الخلافة بصورة عامة وأنها امتدت في الفضاء في الوقت ذاته الذي رقت خلاله الحضارة أي إطار الحياة ، ويشهد على ذلك اتساع حقل الآثار (٣) وإشارات متفرقة إلى
__________________
المجمع العلمي العراقي ، عدد ٢٤ ، ١٩٧٤ ، ص ١٣٧ ـ ١٧١ ، لكن هذا العمل المتين المفصل أهمل المصادر الشيعية. ومن المؤسف أننا لم نتمكن مؤخرا من الاطلاع على كتاب النسب لابن الكلبي ، وتوجد منه نسختان متكاملتان في المتحف البريطاني ومكتبة الاسكوريال. وقد ذكر صالح العلي أنه لا شك في قيمته بخصوص خطط القبائل.
(١) محمد علي مصطفى «تقرير أولي عن التنقيب في الكوفة» ، مجلة سومر ، عدد ١٠ ، ١٢ ، ١٣ (١٩٥٤ ، ١٩٥٦ ، ١٩٥٧) : استخدمنا خاصة الترجمة الانجليزية بالنسبة للنتائج الحاصلة سنة ١٩٥٦ ، والتي نشرت بعنوان» Preliminary Report on the Excavations in Kufa during the third season «في مجلة سومر ، عدد ١٩ (١٩٦٣) ، ص ٣٦ ـ ٦٤.
(٢).» Preliminary Report ـ ـ ـ «,op.cit.,pp.٧٣ ,١٤ ,٧٥ والمخطّط المرقم ناطق بذاته.
(٣) الجنابي ، ص ٤١ ، ١٧٢ : كان أقصى امتداد يعادل ١٥ كم في الطول و ٩ كم في العرض.