قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نشأة المدينة العربيّة الإسلاميّة : الكوفة

نشأة المدينة العربيّة الإسلاميّة : الكوفة

نشأة المدينة العربيّة الإسلاميّة : الكوفة

تحمیل

نشأة المدينة العربيّة الإسلاميّة : الكوفة

356/409
*

محاطة بأسوار طولها ١٨ ألف قدم ، ويتحدث عن دورها الزراعي المهم. ويستعيد ابن بطوطة (القرن الثامن الهجري / القرن الرابع عشر الميلادي) بخصوص الكوفة ، بعض ما قاله ابن جبير ، ولكنه يضيف إلى ذلك شيئا من عنده ، فيراها ، كما المستوفي ، مدينة شبيهة بالحطام ، لكنها ما زالت غير ميتة. ولم يبق من قصر الإمارة إلا أساس البنيان؛ غير أن الأسواق ما زالت بهيّة كما كانت. ويتحدث أيضا عن جبانة الكوفة ، كأنما لم يكن هناك إلا جبانة واحدة ، حيث يرى ضريح المختار الذي شيّدت قبة عليه (رحلة ، طبعة بيروت ، ١٩٦٠). في عهد العثمانيين ، جعلت الكوفة إداريا ، ناحية تابعة لقضاء النجف التابع بدوره لسنجق كربلاء. وقد زارها الرحالة نيبور Niebuhr ووضع خريطة لها. وزارها ماسينيون للمرة الأولى عام ١٩٠٨ ، كما زارها ثانية عام ١٩٣٤ ، فتحدث عن «مكان هو الآن مهجور ، من المدينة التي كانت أكثر المدن الإسلامية عروبة» ، والتي تميّزها أبنية كالجامع ، وضريح هانئ بن عروة ، وضريح مسلم بن عقيل ، وبيت علي ، وموقعين للحراسة ، أحدهما بناه الإنجليز ، والمصلى الصغير المعروف باسم حنّانا ، ومسجد السهلة. ويذكر ماسينيون أن ضاحية جديدة ظهرت بين الجامع والفرات. وهي ما زالت موجودة وآخذة في التطور ، إلا أنها تبقى أقل أهمية من حي الغرب الجديد ، لجهة النجف ، وهو حي سكني. كما قامت عدة بعثات أركيولوجية أوروبية بزيارة الحيرة (وبخاصة بعثة تالبوت رايس Talbot Rice في العام ١٩٣١). ومنذ العام ١٩٣٨ حين أعلنت الكوفة موقعا أركيولوجيا ، أصبحت موضع اهتمام مراكز الأبحاث والآثار العراقية الأكاديمية ، وجرت في العام نفسه أول حملة تنقيب في هذا الموقع. وما يزال الجامع الكبير الذي أعيد ترميمه ، وعلى نحو عشوائي أحيانا ، هو المبنى المركزي؛ وقد تمّ إعلاؤه عن مستواه الأصلي الذي لم يبق منه إلا أسواره القديمة. أما القصر ، وهو الأكثر ضخامة بين الأبنية جميعا ، فقد تمّ إجلاؤه بعد أن أخذت جدرانه تتقشر من جميع الأنحاء الخارجية ، لكنه أفصح من حيث الدلالات العمرانية وأكثر وضوحا من الجامع. ولا بد من الإشارة هنا إلى جامع السهلة ، الكائن غرب الموقع ، والذي وجد فيه الكثير من التحف الزجاجية والخزفية المشغولة (السيراميك) ، وقطع من عملة معدنية تعود إلى العصر الأموي. وما زالت أعمال التنقيب الأركيولوجي في موقع الكوفة ، في بداياتها؛ فإذا جرت بطريقة مدروسة جيدا ، فإنها ستحمل إلينا معلومات قيّمة جدا عن المدينة التي لا نعرف عنها إلا من المصادر الكتابية فقط.