يزيد بن عمر بن هبيرة ببناء مدينة ملاصقة للكوفة وقصرا (١). ولعلّه ينبغي الربط بين استئناف الكوفة لمهمة المركز ، واعتراف السلطة بموقعها الاستراتيجي الممتاز ، وبين إقامة ولاية مستقلة للمشرق (خراسان) بأمر من هشام (٢). فلم تعد البصرة مصدّرة للرجال لتعمير خراسان ، هذه الولاية التي وقفت على قدميها ، وبذلك فقدت البصرة جانبا من إشعاعها في المجال العسكري واسترجعت الكوفة في الوقت نفسه موقعها المتميز كملتقى للمواصلات.
وهكذا تلتئم كل العناصر التي بسطناها. إنها عناصر ضرورية لمحاولتنا شرح ما طرأ من تطور على المدينة في آخر مرحلة مرت بها خلال العصر الأموي. وهي تنير الطوبوغرافيا ، التي لا معنى لها إذا لم ترتبط بكيان المدينة كاملا وبمادتها البشرية ومكانها في تاريخ متسع تشكل هي جزءا منه.
__________________
(١) كان قصر ابن هبيرة بعيدا عن الكوفة ، لكن مدينة ابن هبيرة تتوأمت مع الكوفة ومدّدتها على الضفة اليسرى. انظر : فتوح البلدان ، ص ٢٨٥.
(٢) الطبري ، ج ٧ ، ص ٤٧ ـ ٤٩.