باستثناء جبانة واحدة. ولم يكن لتميم جبانة فأمر رئيسهم شبث بن ربيع بأن يعسكر في السبخة التي قامت هي أيضا بدور مكان التجمع مثل الكناسة وحلّت محل الجبانة. «وخرج ابراهيم من رحله بعد المغرب يريد إتيان المختار وقد بلغه أن الجبابين قد حشيت رجالا ، وأن الشرط قد أحاطت بالسوق والقصر» (١).
مسير ابراهيم بن الأشتر :
المرجع أن الفرقة الصغيرة التي صاحبت ابراهيم مرت من الجهة الغربية للمساحة المركزية فمرت بدار سعيد بن قيس الهمداني (هل كانت بالمركز أم بآخر خطة همدان حيث كانت أقرب ما يمكن من المركز؟) ثم بدار أسامة. طلبت من قائدها تجنب الجهة الشمالية الشرقية أي دار عمرو بن حريث «إلى جانب القصر وسط السوق» (٢) وخلافا لذلك ، اقترحت المرور من قطيعة بجيلة ، واختراق الدور وصولا إلى دار مختار ، عبر الممر الجانبي دون شك (٣). وهنا ينجم مشكل صغير ـ إذ ينبغي الافتراض مسبقا أن خطة بجيلة توجد إلى جانب خطة ثقيف ، وأن خطة همدان توجد إلى الغرب. فينشب الخلاف مع التصميم الذي حددناه بالاعتماد على المعلومات الأولى التي ذكرها سيف. لكن ابراهيم أصر على الاستخفاف بالخصم أمام باب فيل (شمال المسجد) ، وعزم على الاقتراب من دار عمرو بن حريث (إلى اليمين ، كما ذكر بالنص) (٤) ، فوقعت مناوشة لم ينج منها صاحب الشرطة فاندلعت الانتفاضة. وشعورنا أن المنطقة الموجودة شمالي المسجد والمنفصلة عن خطط القبائل كانت فيها مسالك إجبارية ، لا ساحة واسعة مفتوحة ، كأن البناء متراص لا ينفتح إلا على بعض الشوارع. ومن المعلوم أن المسجد اتسع في ولاية زياد بزيادة الثلث على الأقل ولم يقع ذلك إلا من جهة الشمال. وقيل أيضا إن بعض الدور شيّدت في المساحة المركزية. هذا إذن هو الانطباع الأول.
ثم نشبت الثورة (٥) ، فعاد ابن الأشتر إلى قبيلته للتعبئة (٦). «إن هؤلاء الرؤوس الذين وضعهم ابن مطيع في الجبابين يمنعون إخواننا أن يأتونا ويضيقون عليهم ، فلو أني خرجت بمن معي من أصحابي حتى آتي قومي ، فيأتيني كل من بايعني من قومي ثم سرت بهم في نواحي الكوفة» (٧). المقصود هو حمل راية الثورة في كل مكان ، وتجميع الأنصار حيثما
__________________
(١) الطبري ، ج ٦ ، ص ١٩.
(٢) المرجع نفسه ، ص ١٩.
(٣) المرجع نفسه ، ص ١٩.
(٤) المرجع نفسه ، ص ١٩.
(٥) المرجع نفسه ، ص ٢٠ : بعد اغتيال اياس بن مضارب صاحب الشرطة ؛ أنساب الأشراف ، ج ٥ ، ص ٢٢٥.
(٦) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢١ ؛ ابن الأثير ، الكامل ، ج ٤ ، ص ٢١٨ ـ ٢١٩.
(٧) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢٠.