والمشرقين ، والواو فخذاه وهو قائم بهما قيام ظهور ، وهما حيتان قائمتان به ، وقد عرفت أنّ الحدود الستّة لا قوام لها بدون جوهر يكون ركن وجودها وقوام شهودها ، فلا قوام للواو الأوّل إلّا بالألف بداهة وهو التمام ولا كلام ، فإنّه لا يضرّ بالمخالف فإذا كان العود على جهة البدء كما قال سبحانه (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (١) فلا بدّ وأن يكون للواو الآخر أيضا ألف ، ولما كان الألفان واحدا بين الرئيس في رمزه الحرف بالتنكيس ليعود على الأوّل فتبيّن وظهر لمن نظر وأبصر أنّ الواو الثاني يحتاج إلى الألف كما يحتاج إليه الواو الأوّل ، فلأجل ذلك نكس الواو الرئيس عجّل الله فرجه في رمزه في الاسم الأعظم وهو هذا* ١١١ مم ١١١١ ه ، فنكس الواو ليدل على دورانه على الألف الأوّل هكذا وا ، فأشار بتنكيس الواو إلى دورانه على الألف الذي هو قطبها وعليه يدور رحاهما ، ظاهر بهما وبه قوامهما. إلى هنا مقدار حاجتنا.
الآية التاسعة عشرة : قوله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (٢) ، عن كتاب التحصين لابن فهد الحلّي صاحب العدّة في صفات العارفين في القطب الثالث منه عن كتاب زهد النبي صلىاللهعليهوآله بإسناده عن عميرة بن نفيل قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوآله يقول : وأقبل على اسامة بن زيد فقال : يا اسامة. وساق الحديث إلى أن قال : ثمّ بكى رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى علا بكاؤه واشتد نحيبه وزفيره وشهيقه ، وهاب القوم أن يكلّموه فظنّوا أنّه لأمر قد حدث من السماء ، ثمّ إنّه رفع رأسه فتنفّس الصعداء ثمّ قال : اوه اوه ، بؤسا لهذه الامّة ، ما ذا يلقى منهم من أطاع الله ، ويضربون ويكذبون من أجل أنّهم أطاعوا الله فأذلّوهم بطاعة الله ، ألا ولا تقوم الساعة حتّى يبغض الناس من أطاع الله ويحبّون من عصى الله ، فقال عمر : يا رسول الله والناس يومئذ على الإسلام؟
قال صلىاللهعليهوآله : وأين الإسلام يومئذ يا عمر ، إنّ المسلم كالغريب الشريد ، ذلك زمان يذهب فيه الإسلام ، ولا يبقى إلّا اسمه ، ويندرس فيه القرآن فلا يبقى إلّا رسمه. قال عمر : يا رسول الله وفيما يكذبون من أطاع الله ويطردونهم ويعذّبونهم؟ فقال : يا عمر ترك القوم الطريق وركنوا إلى الدنيا ورفضوا الآخرة وأكلوا الطيّبات ولبسوا الثياب المزيّنات وخدمتهم أبناء فارس والروم ، فهم يغتذون في طيب الطعام ولذيذ الشراب وزكي الذبح ومشيد البنيان ومزخرف
__________________
(١) الأعراف : ٢٩.
(٢) الأعراف : ٣٢.