وذلك لعصيانهم بالصاحب.
ثمّ قوله : لا ينجيهم ذهبهم وفضّتهم يوم غضب الصاحب ، واتّفقوا على أن المسيح لم يكن غضوبا وما غضب قط ، ويظهر من العبارة صحّة انطباقه على القائم عليهالسلام لا غير ، وذلك لأنّه لا شك في أن المراد بالصاحب غير قائلها المخبر عن وجوده ومجيئه ، وأنّ النصارى يزعمون في المسيح الألوهية ، فباعتقادهم هو قائلها والمخبر بمجيئه والمبشّر لظهوره ، فيكون الصاحب غيره ، ولا يكون ذلك الغير إلّا القائم عليهالسلام بدلالة لفظ الصاحب لظهوره واقتداره على المخالفين والمعاندين ، واستعلائه على الجبابرة الطاغين وتضييقه على الامراء والسلاطين ، فيكون يومئذ على كفّار والمعاندين يوما عبوسا قمطريرا وعذابا صبا ، أو المراد ما يقع في القلوب من الخوف والهول والاضطراب بنداء يناديه جبرائيل ، وذكره إيّاه باسمه ونسبه يفزع ويقوم النائم ويجلس القائم ويقوم الجالس لما دهاه من الاضطراب والاندهاش.
والمراد من الظلمة والعجة والأرياح العاصفة ما ورد في الأحاديث مع كسوف الشمس وخسوف القمر يومئذ ، وهبوب الريح السوداء حين إتيانه إلى المدينة وامتحانهم في الجبت والطاغوت فيهلكهم جميعا (١) ، والمراد من الصيحة العظيمة هي الصيحة التي ترتفع حين ظهوره عند قرص الشمس ، فيسمعها أهل السماوات والأرضين : ألا يا أهل العالم هذا مهدي آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، بايعوه تهتدوا. وقوله : فاضطرب حتّى أدعهم يمشون عميانا لأنّهم عصوا بالصاحب ، فالمعنى أن اضطرابهم يكون من اقتدار الصاحب وسلطنته عليهم وهم خائفون ، وفيما هم عليه عمون ، ويدلّ على هذا ما في الفصل الأوّل والثاني من هذا الكتاب بعيد هذه العبارة أن آمنوا واجتمعوا أيّتها الامّة الذليلة الخفيفة قبل انقضاء الفرصة ، واتبعوه قبل يوم التعب والانتقام ، والمراد من هرق الدماء وسحق الأجساد ما يشير إليه الإمام سيّد الشهداء عليهالسلام في خطبته من إخباره بظهوره ، وسلّه سيف الانتقام في أيّام رجعته وأخذ ثأره (٢).
__________________
(١) تقدّم ذلك مع مصادره.
(٢) راجع معجم أحاديث الإمام المهدي : ٣ / ١٨١ انّه عليهالسلام المنتقم من الظالمين ، ومناقب آل أبي طالب : ٤ / ٨٥.