وعند سيبويه يجوز حذف التاء ، كما في قول الشاعر :
إنّ الخليطين (١) أجدّوا البين فانجردوا |
|
وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا (٢) |
لأن الحذف والتعويض من الأمور الجائزة عنده ، وعند الفراء لا يجوز الحذف ، لأنها عوض من الحرف الأصلي (٣) إلّا (٤) في الإضافة لأن الإضافة تقوم مقامها ، وكذلك حكم : الإقامة (٥) ، والاستقامة ونحوهما ، ومن ثمّ حذفت التاء في
______________________________________________________
(١) قوله : (إن الخليطين ... إلخ) قال بعض الفضلاء : كان بعض الصديقين يتألفون فيما بينهم جدا حتى وعدوا عدم الفراق قدر الاستطاعة وعاقبة الأمر أفاضوا بدرجة البين فحجم الاضطراب عليهم وكان واحد منهم ينشد تارة فقال مخاطبا للنفس : إن الخليطين الأحباء المجتمعين أجددوا البين أي : اختاروا الفراق فانجردوا أي : ذهبوا ، ومعنى البيت : معلوم من الحاشية المرقومة السطر عليه ، فلا حاجة إلى التشريح.
فالمعنى بالفارسية : والله تعالى أعلم بالصواب. اه لمحرره.
(٢) البيت من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في إعراب القرآن للنحاس ٣ / ١٤٠ ، والمخصص للأندلسي ٤ / ٣١٥.
(٣) المحذوف وهو الواو والعوض لا يجوز حذفه ؛ لأنه لم يبق حينئذ شيء يدل على المحذوف ، فلو حذفت يلزم حذف العوض والمعوض عنه وذلك غير جائز ، ولأنه فيه يلزم النقصان من القدر الصالح إذ تحقق في الحذف الخروج من القدر الصالح وقد أتى العوض عنه لتمام القدر الصالح ، فلو حذفت التاء التي عوض عن الواو لفات الغرض كما لا يخفى. اه أحمد.
(٤) البيت من البحر الطويل ، وهو لابن بابك في المثل السائر لابن الأثير ١ / ٢٩٣ ، ومعاهد التنصيص للعباسي ١ / ٥٩.
(٥) قوله : (إلا في ... إلخ) الاستثناء مفرغ أي : لا يجوز حذف التاء في جميع الأوقات إلا وقت إضافة هذا المصدر ؛ لأن الإضافة تقوم مقامها أي : مقام هذه التاء ، ولا شك أن الإضافة أمر معنوي فكيف تقوم مقام أمر لفظي بل يقوم مقامها المضاف إليه من حيث هو مضاف إليه ، ففي هذا الكلام وضع الظاهر موضع المضمر فتأمل. اه إيضاح.
(٦) قوله : (حكم الإقامة ... إلخ) يعني كما لا يجوز حذف التاء في عدة إلا في الإضافة ، كذلك لا يجوز حذف التاء في الإقامة والاستقامة ونحوهما إلا في الإضافة ؛ لأن التاء فيهما عوض من الواو كما في عدة ؛ لأن أصلهما إقواما واستقواما فأرادوا أن يعملوا المصدر لاعتلال أقام واستقام فنقلوا الفتحة من الواو إلى ما قبلها ، وكان في الأصل متحركة قلبت ألفا فاجتمع ألفان أولهما منقلبة عن واو هي عين المصدر ، وثانيتهما زائدة وهي تاء فعالة فحذفت الألف الأولى التي هي العين وبقيت الألف الزائدة ، فيلزم التاء كالعوض من الواو كما في العدة ، وقيل : إن المحذوف الألف الزائدة. اه شمس الدين.