الالتباس (١).
ولا يجيء لتفضيل المفعول حتى لا يلتبس بتفضيل الفاعل (٢).
فإن قيل : لم لم يجعل على العكس حتى لا يلزم الالتباس؟.
قلنا : جعله للفاعل أولى (٣) ؛ لأن الفاعل مقصود في الكلام ، والمفعول فضلة (٤) ،
______________________________________________________
جارية في درعها الفضفاض |
|
أبيض من أخت بني إياض (١) |
وقال المبرد : ليس البيت الشاذ بحجة على الأصل المجمع عليه ، وفي السواد بقول الآخر :
لأنت أسود في عيني من الظّلم (٢)
والبيتان شاذان عند البصريين. اه أحمد رحمهالله تعالى.
(١) قوله : (الالتباس) بين الصفة والتفضيل على تقدير بناء أفعل منهما للتفضيل أيضا ، فإنك إذا قلت : زيد الأسود لم يعلم أنه بمعنى ذو سواد أو بمعنى الزائد في السواد.
وهذا التعليل إنما يتم إذا بين أن أفعل للصفة يقدم بناؤه على أفعل للتفضيل ، وهو كذلك ؛ لأن ما يدل على ثبوت مطلق الصفة مقدم بالطبع على ما يدل على زيادة على الآخر في الصفة ، والأولى موافقة الوضع لما هو الطبع. اه فلاح.
(٢) قوله : (بتفضيل الفاعل) يعني لو جاء أفعل لتفضيل المفعول يلتبس بتفضيل الفاعل ، فإنه لا يعلم أن معنى زيد أضرب زائد في الضاربية أو زائد في المضروبية ، والالتباس خلاف الأصل. اه جلال الدين.
(٣) من جعله للمفعول يعني أنهم لو جعلوه مشتركا لالتبس أحدهما بالآخر لاطراده فأرادوا جعله لأحدهما دون الآخر ؛ لدفع الاشتباه ، فوجدوا جعله للفاعل أقيس وأولى من المفعول ؛ لأن الفاعل ... إلخ. اه ف.
(٤) في الكلام لإفادته بدونه.
فإن قلت : المراد من الفاعل الذي بني أفعل لتفضيله صيغة الفاعل مثل ضارب والفاعل الذي هو مقصود في الكلام هو الفاعل في الإعراب وهو ما أسند إليه الفعل مقدما عليه مثل زيد في قولنا : ضرب زيد ، فلم يلزم من كون الثّاني مقصودا في الكلام كون الأول كذلك ـ
__________________
(١) الشعر من الرجز ، وهو بلا نسبة في الإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري ١ / ١٤٩ ، وخزانة الأدب للبغدادي ٨ / ٢٣٢.
(٢) الشعر من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في يتيمة الدهر للثعالبي ١ / ١٩٤ ، وخزانة الأدب للبغدادي ٣ / ١٨٨.