(عليه السلام) ، ثم قرروا أنّ كل ما يرويه المبتدع مما فيه تأييد لبدعته ، فهو مردود ، ولو كان من الثقات ، والذي فيه تأييد التشيع في نظرهم ، هو فضل عليّ وتفضيله فينتج من هذا أن لا يصح في فضله حديث ، كما صرّح به بعض من رفع جلباب الحياء عن وجهه ، من غلاة النواصب كابن تيمية ، وأضرابه ، ولذلك تراهم عند ما يضيق بهم هذا المخرج ، ولا يجدون توصلا منه إلى الطعن في حديث لتواتره أو وجوده في الصحيحين ، يميلون به إلى مسلك آخر ، وهو التأويل وصرف اللفظ عن ظاهره ، كما فعل حريز بن عثمان في حديث «أنت مني بمنزلة هارون من موسى». وكما فعل ابن تيمية في أكثر ما صح من فضائله بالنسبة إلى اعترافه.
ثم قال بعد صفحات : ـ كون الحديث في فضل عليّ ، وراويه متهم بالتشيع بل مجرد كون الحديث في الفضائل ، من أكبر أسباب الطعن عندهم في الرواة ، ولو لم يتهموا بتشيع فإنّ من روى ذلك لا يتوقفون في طعنه ، ولا يتورعون عن جرحه ، ولو كان أوثق الثقات وأعدل العدول ، وقد تقدم عن أبي زرعة ، أنّه قال : كم من خلق افتضحوا بهذا الحديث ، يعني أنّ كل من حدّث به يحكمون عليه بالضعف ، ولو كان معروفا عندهم أنّه ثقة ، فدليل الضعف هو التحديث بفضل عليّ (عليه السلام) ، حتّى أنّهم ضعفوا به جماعة من الحفاظ المشاهير ، ورموهم بالرفض والتشيع ، كمحمد بن جرير الطبري ، تكلّموا فيه لتصحيحه حديث الموالاة ، والحاكم صاحب المستدرك لتصحيحه فيه حديث الطير ، وحديث الموالاة ، والحافظ ابن السقاء ، لإملائه حديث الطير ، ووثبوا إليه ساعة الإملاء ، وأقاموه وغسلوا موضعه ، والحافظ الحسكاني ، لتصحيحه حديث ردّ الشمس ، والحافظ ابن المظفر لتأليفه في فضائل العباس ، وإبراهيم بن عبد العزيز بن الضحاك ، لكونه أملى مجالس في فضائل أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما ، فلما فرغ قال نبدأ بعليّ ، أو بعثمان؟ فتفرّقوا عنه ، وضعفوه ، مع أنّ المسألة خلافية لا تستوجب ذلك ، كما قال الذهبي ، بل نسبوا الدار قطني إلى التشيع ، وما أبعده منه لحفظه ديوان السيد الحميري ، بل تكلموا في الشافعي ، ونسبوه إلى التشيع لموافقته الشيعة في مسائل فرعية أصابوا فيها ، ولم يبدعوا ، كالجهر بالبسملة ، والقنوت في الصبح ، والتختم في اليمين ، وموالاته لأهل البيت ، وقد أشار هو رضي الله عنه إلى ذلك في أبياته المشهورة.