(١) لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت |
|
سور المدينة والجبال الخشّع |
ومثله قول ذي الرمّة : [طويل]
(٢) مشين كما اهتّزت رماح تسفّهت |
|
أعاليها مرّ الرياح النّواسم |
وقال العجّاج : [رجز]
(٣) طول اللّيالي أسرعت في نقضي
وسمعنا من يوثق به من العرب يقول اجتمعت أهل اليمامة لانه يقول في كلامه إجتمعت اليمامة يعني أهل اليمامة فأنث الفعل في اللفظ إذ جعله في اللفظ لليمامة فترك اللفظ على ما يكون عليه في سعة الكلام ، ومثله في هذا يا طلحة أقبل لان أكثر ما يدعو طلحة بالترخيم فترك الحاء على حالها ويا تيم تيم عدىّ أقبل ، وقال جرير : [بسيط]
__________________
(٣٦) القول فيه كالقول في الذي قبله الا أنه أبعد شيئا لان السور وان كان بعض المدينة فلا يسمى مدينة كما تسمى بعض السنين سنة ولكن الاتساع فيه متمكن لان معنى تواضعت المدينة وتواضع سور المدينة متقارب* وصف مقتل الزبير بن العوام صاحب رسول الله (ص) حين انصرف يوم الجمل وقتل في الطريق غيلة فيقول لما وافى خبره المدينة مدينة الرسول (ص) تواضعت هي وجبالها وخشعت حزناله ، وهذا مثل وانما يريد أهلها وكان ينبغي أن يقول والجبال الشامخة ولكنه وصفها بما آلت اليه كما قال عزوجل (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) أي عنبا يؤل الى الخمر وهذا التفسير مع عطف الجبال على السور فان جعلتها مبتدأ لم يكن في الكلام اتساع ويكون التقدير والجبال خشع لموته.
(٣٧) القول في تأنيث فعل المر لانه من مؤنث كالقول في الذي قبله* وصف نساء فيقول اذا مشين اهتززن في مشيهن وتثنين فكأنهن رماح نصبت فمرت عليها الرياح فاهتزت وتثنت ومعنى تسفهت استخفت والسفه خفة العقل وضعفه ، والنواسم الضعيفة الهبوب واحدتها ناسمة واسم الفعل النسيم وانما خص النواسم لان الزعازع الشديدة تعصف ما مرت به وتغيره ويروى مرضي الرياح يريد الفاترة ولا ضرورة فيه على هذا.
(٣٨) أنّث فعل الطول وهو مذكر لأنه أضافة الى مؤنث وهذا كالذي قبله يقول مرور الليالي على هرّمنى وأبلاني فصرت الى الضعف بعد القوة فكأنما نقضت بعد الابرام وبعده* أكلن بعضى وتركن بعضى* فأخلص الخبر لليالي دون الطول فقد بين لك ان معنى طول الليالي أسرعت في نقضى والليالى أسرعت سواء.