ابن غانية المسوفي واليا عليها سنة ٥٢٠ ه من قبل الأمير علي بن يوسف. واستطال حكمه لتلك الجزائر زهاء ثلاثين عاما ، أي إلى ما بعد سقوط المرابطين وزوال حكمهم نهائيا في المغرب والأندلس سنة ٥٤٣ ه. فعمل على توطيد سلطانه هناك واستقل بشؤونها وجعل منها ملجأ ومثوى للوافدين والفارين من فلول المرابطين ، كما اتخذ من جزر البليار حصنا منيعا لمواجهة الموحدين والأساطيل الصليبية. وبعد وفاته سنة ٥٥٠ ه خلفه على ولاية ميورقة وجزر البليار ابنه إسحاق بن محمد حتى سنة ٥٨٠ ه ، ثم وليها بعده ابنه الأمير علي بن إسحاق حتى سنة ٦٠٠ ه تاريخ استيلاء الموحدين عليها. ولكن هذا الأمير كان منشغلا خلال هذه الفترة بصراعه الدامي مع الموحدين في إفريقية ، فأناب عنه في حكم ميورقة عمه الزبير ما بين ٥٨٠ ـ ٥٨٤ ه ، ثم أخاه عبد الله ما بين ٥٨٤ ـ ٦٠٠ ه (١).
وكان الفتح الموحدي لجزيرة ميورقة ضربة شديدة لبني غانية ، قضت نهائيا على سلطانهم في الجزائر الشرقية ، وكان لهذا الفتح وقع عميق أيضا لدى الممالك النصرانية القريبة ، سيما مملكة أراجون في شرق الأندلس ، وهذا ما تشير إليه رسالة الفتح التي بعثها الخليفة الناصر من إنشاء كاتبه ابن عياش حين تقول : " ولأخذ ميورقة على صاحب أراغون وبرشلونة أشدّ من رشق النبل ، وأهول من وقع السّيف ، وأوحش من القطع بحلول الممات" (٢). وكان أول الولاة الموحدين على ميورقة هو أبو محمد عبد الله بن طاع الله الكومي ، ثم وليها السيد أبو زيد بن أبي يعقوب يوسف عم الخليفة الناصر ،
__________________
(١) عصام سيسالم ، المرجع السابق ، ص ٢٦٨ وما بعدها.
(٢) ليفي بروفنسال ، مجموع رسائل موحدية (الرسالة السادسة والثلاثون) ، باريس ، ١٩٤٢ ، ص ٦٨.