ومن أمثلة ذلك قول البحتري في وصف الإبل الانضاء التي أنحلها السير :
كالقسيّ المعطفات بل الأس |
|
هم مبرية بل الأوتار |
فإنه لما شبه الإبل بالقسي وأراد أن يكرر التشبيه كان يمكنه أن يشبهها مثلا بالعراجين أو نون الخط لأن المعنى واحد في الانحناء والرقة ، ولكنه قصد المناسبة بين الأسهم والأوتار لما تقدم ذكر القسي.
ومن شواهد مراعاة النظير التي يجمع فيها بين الأمر وما يناسبه لا على وجه التضاد قول الشاعر في وصف فرس :
من جلّنار ناضر خده |
|
وأذنه من ورق الآس (١) |
فالمناسبة هنا بين الجلنار والآس والنضارة.
ومنها أيضا قول ابن رشيق في مدح الأمير تميم :
أصح وأقوى ما سمعناه في الندى |
|
من الخبر المأثور منذ قديم |
أحاديث ترويها السيول عن الحيا |
|
عن البحر عن كف الأمير تميم |
فإن الشاعر قد ناسب هنا بين الصحة والقوة والسماع والخبر المأثور والرواية ، ثم بين السيل والحيا والبحر وكف تميم ، مع ما في البيت الثاني من صحة الترتيب في العنعنة ، إذ جعل الرواية لصاغر عن كابر كما يقع في سند الأحاديث ، فإن السيول أصلها المطر والمطر أصله البحر ، ولهذا جعل كف الممدوح أصلا للبحر مبالغة.
ومنها كذلك قول الشاعر :
__________________
(١) الجلنار : زهر الرمان.