تعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ،) فاستوفت الآية الكريمة جميع الهيئات الممكنة.
وكذلك بقوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ، فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ، وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ،) فاستوفت الآية الكريمة جميع الأقسام التي يمكن وجودها ؛ فإن العالم جميعه لا يخلو من هذه الأقسام الثلاثة.
وبقوله تعالى أيضا : (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ ،) فالآية الشريفة جامعة لأقسام الزمان الثلاثة ولا رابع لها ، والمراد الحال والماضي والمستقبل. فله ما بين أيدينا المراد به المستقبل ، وما خلفنا المراد به الماضي ، وما بين ذلك الحال.
ومما ينطبق على تعريف ابن أبي الأصبع وهو من أشرف المنثور قوله صلىاللهعليهوسلم : «وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، وألبست فأبليت ، أو تصدقت فأبقيت؟» ، فلم يبق الرسول قسما رابعا لو طلب لوجد.
وقول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : «أنعم على من شئت تكن أميره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره واحتج إلى من شئت تكن أسيره».
فالإمام علي قد استوعب هنا أقسام الدرجات وأقسام أحوال الإنسان بين الفضل والكفاف والنقص.
ومنه أن شابا قدم مع بعض وفود العرب على عمر بن عبد العزيز ثم قام وتقدم المجلس قائلا : «يا أمير المؤمنين أصابتنا سنون : سنة أذابت الشحم ، وسنة أكلت اللحم ، وسنة أنقت العظم (١) ، وفي أيديكم فضول
__________________
(١) أنقت العظم : استخرجت نقوه بكسر النون ، أي مخه.