بثلاث مئة رجل أو أربع مئة ، يرمون مثل رميك ، فجاءه بهم ، فكانوا يكونون عنده ، وجعلهم مراصد على الطريق ، فيما بينه وبين الفرات ، لئلّا يعبره أحد عليهم. قال : وكان ما بين المدائن إلى نهر الملك ، مرج واحد من البساتين ، لا حائط له (١). قال : فخرجت سيرين ومعها جواريها ، وأصلها رومىّ ، فعرض لها رجل من الإياديّين ، يقال له الأحمر ، وكان معه صاحب له ، فعبثا بهنّ ، قال : فجعلتهما العرب الأحمرين ، قال راجزهم :
الاحمران أهلكا إيادا |
|
وحرما قومهما السّوادا |
قال : فشكوا ذلك إلى كسرى ، فبعث إليهم عدّتهم من الفرس ، وهرب الأحمران ، فأنذرا أصحابهما ، فلحقتهم الفرس وقد عبروا دجلة ، وقد كان قال لهم كسرى : خذوهم أخذا. قال : فلحقوهم ، فجثا الإياديّون على الرّكب ، فرموا رشقا واحدا ، فأعموهم جميعا ، فأخبر كسرى بذلك ، فبعث إليهم الخيل ، وأمر لقيط بن يعمر (٢) بن خارجة بن عوبثان الإيادى ، وكان محبوسا عند كسرى ، أن يكتب إلى من كان من شداد قومه ، فيما بينه وبين الجزيرة ، أن يقبلوا إلى قومهم ، فيجتمعوا ، ليغير على إياد كلّهم ، فيقتلهم. قال : فكتب لقيط إلى قومه ينذرهم كسرى ، ويحذّرهم إيّاه :
سلام (٣) فى الصّحيفة من لقيط |
|
على (٤) من بالجزيرة من إياد |
بأنّ اللّيث يأتيكم دليفا |
|
فلا يشغلكم سوق النّقاد (٥) |
ويروى : بأن الليث كسرى قد أتاكم.
__________________
(١) فى ج : «لا حيطان عليه».
(٢) كذا فى س والأغانى ومختارات ابن الشجرى. وفى ق ، (هنا وفيما سبق) ولسان العرب فى مادة «أيا» : «معمر».
(٣) كذا فى الأصول. وفى الأغانى والاشتقاق لابن دريد : «كتاب».
(٤) كذا فى س. وفى ج ، ق : «إلى».
(٥) النقاد (بكسر النون) : جمع نقدة (بالتحريك) ، وهى صغار الغنم.