مجلسهم ، فنفق نفقات ثم طار ، فذكروا قول الزّرقاء فارتحلوا حتى نزلوا الحيرة ، (١) فأوّل من اختطّها هم ، ورئيسهم يومئذ مالك بن زهير (٢) ، واجتمع (٣) إليهم لما اتّخذوا (٤) بها المنازل ، ناس كثير من سواقط (٥) القرى ، فأقاموا بها زمانا ، ثم أغار عليهم سابور الأكبر [ذو الأكتاف](٦) ، فقاتلوه ، وكان شعارهم يومئذ : «يا لعباد الله» فسمّوا العباد ، وهزمهم سابور ، فسار (٧) معظمهم ومن فيه نهوض ، إلى الحضر من الجزيرة ، يقودهم الضّيزن بن معاوية التّنوخى ، فمضى حتّى نزلوا الحضر ، وهو بناء بناه الساطرون الجرمقانىّ ، فأقاموا به [مع الزّبّاء ، فكانوا رجالها وولاة أمرها ، فلمّا قتلها عمرو بن عدىّ استولوا على الملك ، حتى غلبتهم غسّان](٨). وأغارت حمير على بقيّة قضاعة ، فحيّروهم بين أن يقيموا على خراج يدفعونه إليهم ، أو يخرجوا [عنهم](٩) ، فخرجوا ، وهم كلب وجرم والعلاف ، وهم بنو ربّان أخى (١٠) تغلب بن حلّوان ، وهم أوّل من عمل الرّحال العلافيّة ، وعلاف : لقب ربّان ، فلحقوا بالشام ، فأغارت عليهم بنو كنانة بن خزيمة بعد ذلك بدهر ، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، فانهزموا ولحقوا بالسماوة ، فهى منازلهم إلى اليوم.
انتهى كلام أبى الفرج.
__________________
(١) كذا فى الأصول. وفى الأغانى طبعة التقدم : «فهم أول من اختطها منهم مالك بن زهير». ويظهر أن لفظة «هم» مقحمة من الناسخ.
(٢) كذا فى الأغانى. وفى الأصول : «فاجتمع».
(٣) فى الأغانى : «ابتنوا».
(٤) كذا فى الأصول. وهو جمع ساقطة ، للئيم فى نفسه وحسبه. وفى الأغانى : «سقاط».
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأغانى. وقال ياقوت فى المعجم : إنه سابور الجنود لا سابور ذو الأكتاف.
(٦) كذا فى الأصول وفى الأغانى : «فصار».
(٧) فى س «بن تغلب» ، وهو تحريف.