بمقتضى مذهبهم ، من صحّة أخذ الميثاق على الذرّ ووقوعه ، فإذا دلّت رواية « الفردوس » (١) على أخذ الميثاق بإمرة عليّ عليهالسلام ، كان لازما لهم وإن لم تذكره الآية الشريفة ؛ لجواز الاكتفاء عن ذكره بذكر أخذ الميثاق بالربوبيّة ؛ لأنّ الإمامة من توابع الربوبيّة ولوازمها لتكون بالإمام لله الحجّة على الناس.
لكن يبقى عليه سؤال ؛ إنّ الرواية تقول : « وآدم بين الروح والجسد » (٢) ، وفي هذه الحال لا وجود للذرّ ، ولا يقول الأشاعرة بأخذ الميثاق فيه ، فإنّهم إنّما يقولون به بعد تعلّق الروح بآدم.
وقد يجاب عنه بأنّه مجاز في النسبة ، للمبالغة في تقدّم أخذ الميثاق.
وإمّا مبنيّ على ما يقوله الإماميّة من الإشهاد بلسان حال إبداء الصنع العجيب ، والشهادة بلسان حال الحاجة ، فإنّ البشر كما يحتاج إلى خالق ، يحتاج إلى حجّة من رسول أو إمام (٣).
لكن يبقى عليه أيضا سؤال ؛ إنّ هذا إنّما يقتضي وجود حجّة بلا تعيين ، فمن أين يتعيّن محمّد وعليّ كما ذكرته الرواية؟!
وقد يجاب عنه بأنّ التعيين إنّما هو للتنصيص من الله تعالى الذي أظهره للملائكة.
وإنّما أضاف النبوّة والإمرة إلى ضمير خطاب الملائكة ، فقال :
__________________
(١) انظر : الصفحة ١٥٠ من هذا الجزء.
(٢) انظر : الصفحة ١٤٨ من هذا الجزء.
(٣) انظر : الذخيرة في علم الكلام : ٣٢٣ وما بعدها وص ٤٢٩ وما بعدها ، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد : ٢٩٦ وما بعدها ، مناهج اليقين : ٢٦٦ و ٢٩٠ ، الكشّاف ٢ / ٤٤١ ، مجمع البيان ٦ / ٢١٧.