قال : أى صفوان فداك أبى وأمى! أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمك ، عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك.
قال : إنى أخافه على نفسى. قال : هو أحلم من ذلك وأكرم. فرجع معه حتى وقف به على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال صفوان : إن هذا يزعم أنك أمنتنى. قال : «صدق». قال : فاجعلنى فيه بالخيار شهرين. قال : «أنت بالخيار أربعة أشهر» (١).
وأقبلت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبى جهل وهى مسلمة ـ يومئذ ـ فقالت : يا رسول الله ، آمن زوجى وائذن لى فى طلبه. فأذن لها وأمنه فأدركته ببعض تهامة وقيل : باليمن فأقبل معها وأسلم ، فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء.
وكانت فاختة بنت الوليد تحت صفوان بن أمية ، وكانت أسلمت أيضا ، فلما أسلم عكرمة وصفوان أقر رسول الله صلىاللهعليهوسلم كل واحدة منهما عند زوجها على النكاح الأول.
وقالت أم هانئ بنت أبى طالب وكانت عند هبيرة بن أبى وهب المخزومى : لما نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأعلى مكة فر إلى رجلان من أحمائى من بنى مخزوم فدخل على أخى على بن أبى طالب فقال : والله لأقتلنهما ، فأغلقت عليهما بيتى ثم جئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بأعلى مكة فوجدته يغتسل من جفنة إن فيها لأثر العجين وفاطمة ابنته تستره بثوبه ، فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به ثم صلى ثمانى ركعات من الضحى ثم انصرف إلى فقال : «مرحبا وأهلا يا أم هانئ ، ما جاء بك؟» فأخبرته خبر الرجلين وخبر على فقال : «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ وأمنا من أمنت فلا يقتلهما» (٢).
قال ابن هشام : هما الحارث بن هشام وزهير بن أبى أمية بن المغيرة.
ولما نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به سبعا على راحلته ليستلم الركن بمحجن فى يده ، فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ، ثم طرحها ، ثم وقف على باب الكعبة فقال :
«لا إله إلا الله ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا كل مأثرة
__________________
(١) انظر الحديث فى : دلائل النبوة للبيهقى (٥ / ٩٧) ، موطأ مالك (٢ / ٥٤٣ ، ٥٤٤ / ٤٤).
(٢) انظر الحديث فى : صحيح مسلم فى كتاب المسافرين (١ / ٤٩٨ / ٨٢) ، سنن أبى داود (٣ / ٢٧٦٣) ، سنن الترمذى (٤ / ١٥٧٩).