قال الحصين بن الحمام يرد عليه وينتمى إلى غطفان :
ألا لستم منا ولسنا إليكم |
|
برئنا إليكم من لؤيّ بن غالب |
أقمنا على عز الحجاز وأنتم |
|
بمعتلج البطحاء بين الأخاشب |
يعنى قريشا.
ثم ندم الحصين على ما قال ، وعرف صدق الحارث ، فأكذب نفسه وقال :
ندمت على قول مضى كنت قلته |
|
تبينت فيه أنه جد كاذب |
فليت لسانى كان نصفين منهما |
|
بكيم ونصف عند مجرى الكواكب |
أبونا كنانى بمكة قبره |
|
بمعتلج البطحاء بين الأخاشب |
لنا الربع من بيت الحرام وراثة |
|
وربع البطاح عند دار ابن حاطب |
يعنى أن بنى لؤيّ كانوا أربعة ، كعبا ، وعامرا ، وسامة ، وعوفا.
وفى بنى مرة بن عوف كان البسل ، وذلك ثمانية أشهر حرم لهم من كل سنة من بين العرب ، يسيرون به إلى أى بلاد العرب شاءوا ، ولا يخافون منهم شيئا ، قد عرفوا ذلك لهم لا يدفعونه ولا ينكرونه.
وكان سائر العرب إنما يأمنون فى الأشهر الحرم الأربعة فقط.
وذكر الزبير عن أبى عبيدة ، أنه كانت لقريش فى هذا مزية على سائر العرب قاطبة ، وذلك أن العربى لم يكن ليخرج من داره فى غير الأشهر الحرم إلا فى جماعة ، وكان القرشى يخرج حيث شاء وأنى شاء ، فيقال : رجل من أهل الله فلا يعرض له عارض ، ولا يريبه أحد بمكروه ، ويعظمه من لقيه أو ورد عليه ، ولذلك قال من قال منهم : القرشى بكل بلد حرام.
وأما كعب بن لؤيّ ، وعامر بن لؤيّ ، فهما أهل الحرم وصريح ولد لؤيّ.
وكان كعب منهما عظيم القدر فى العرب ، وأرخوا بموته إعظاما له ، إلى أن كان عام الفيل فأرخوا به (١).
وكان بين موته والفيل ، فيما ذكروا ، خمسمائة سنة وعشرون سنة. وكان يوم الجمعة يسمى العروبة ، فسماه كعب الجمعة لاجتماع قومه فيه يخطبهم ويذكرهم.
__________________
(١) انظر : السيرة (١ / ١٠٢).