وشتان بين الحروب المنظمة والثورات القائمة على أسس المطامع ومنازع الكره الموروث.
ولعلك تسترسل معي إلى تذكر سيئات للحروب العالمية الكبرى تنسينا سيئات تلك القرون التي لم تكن على شيء من ظواهر المدنية الخلابة التي يتبجح فيها أبناء الغرب ومعلمو الأمم ومرشدو الشعوب.
وخاتمة مطاف التخريب التي عاناها هذا القطر كانت في عام ١٢٥٠ ه [١٨٣٥ م] ، وعسى أن لا يرى إلا العمران والتجديد وما ينسيه سيئات القديم والجديد.
وبعد فإن الذي حداني إلى كتابة هذه المقدمة ، ولعل في القراء ما يزعجه طول نفسها ويسأم من الإلمام بأحاديث مطوية ، والنشر لصحف منسبة ، أني وقفت في كشكول العلامة الشيخ يوسف البحراني ؛ من علماء الإمامية في القرن الثاني عشر ومن رجال التأليف والتصنيف فيه. (ولد سنة ١١٠٧ [١٦٩٦ م] وتوفي سنة ١١٨٦ [١٧٧٢]) على أسماء بلدان جبل عامل كتب بها إلى مؤلفه (عاملي) من رجال ذلك القرن ، فرأيت أن أخص بها العرفان ، لأنها المجلة الوحيدة التي تعنى بآثاره ، معلقا عليها ما يتسع له المقام ، وفي نشرها من العبرة ما ستراه ، فإن كثيرا منها مجهول الموقع والإسم. وإنما تعمر البلاد بالعدل وتخرب بالظلم ولله في عباده سنن لا تتبدل.
|
النبطية سليمان ظاهر كانون الثاني ١٩٢٣ م العرفان م ٨ ج ٤. ص ٢٦٠ ـ ٢٦٤ |